الرئيس الأمريكي الجديد على محك القضية الفلسطينية
أبو الشتاء مساعف
تناولت العديد من القراءات والتحليلات حدث تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، ووقفت عند أبعاد الممارسة الدستورية في النظام الأمريكي، كما أشارت بعض التحليلات إلى آفاق السياسة الخارجية الأمريكية الممكنة في عهد الرئيس بايدن، الذي ورث قرارات وملفات ثقيلة ومكلفة تركها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، الذي غادر البيت الأبيض بعد مخاض عسير عاشتة الديموقراطية الأمريكية التي لوثتها ذهنية اليمين المتطرفة المعششة اليوم في كل أركان الدولة مدنيا وعسكريا، مما جعل أمريكا تعيش سقطات في مسارها الديمقراطي بسبب هذه العقلية التسلطية الموغلة في الغرور والشرور. وقد تابعنا جميعا أحداث ووقائع مثل حدث اقتحام أنصار ترامب ومحاصرتهم للكونغرس وهي ممارسات مرتبطة فقط بأنظمة الاستبداد وحكم السلطوية.
وإذا كانت كل تلك التحليلات لها أهميتها في تقييم وتناول الممارسة السياسية الأمريكية، وفي استشراف معالم السياسة الخارجية الأمريكية وتحديد ثوابتها ومتغيراتها، فإن غرضنا من هذه التدوينة هو طرح مجموعة من التساؤلات حول مستقبل القضية الفلسطينية بعد ترامب الذي كرس ولايته لخدمة الأجندة الإسرائيلية بجملة من القرارات الخطيرة على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وأخطرها صفقة القرن التي تعتبر عنوانا للترامبية، ومسلكا للتطبيع والتمكين للكيان الصهيوني، وفي هذا الإطار فإن الإدارة الأمريكية الجديدة مطلوب منها اليوم أن تعيد النظر في عقيدتها السياسية تجاه القضية الفلسطينية.
وإذا كان من غير المتوقع أن الرئيس الجديد، جو بايدن، سوف يغير من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية بخصوص دعم الكيان الصهيوني، فعلى الأقل مطلوب منه التراجع عن القرارات “الجنونية” التي تبناها سلفه، وأن تتسم سياسته الخارجية بالحياد ودعم الشرعية الدولية، وإعمال قواعد وقرارات الأمم المتحدة بخصوص الشعب الفلسطيني، وهي تحديات كبيرة مطروحة على الإدارة الأمريكية تحتاج إلى إجابات عملية وإجراءات فعلية من قبيل:
◀️ التراجع عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني العنصري الذي أعلنه الرئيس السابق ترامب في 6 دجنبر 2017؛
◀️ شطب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الذي اتخذته الإدارة الأميركية، في 14 ماي 2018؛
◀️ التراجع عن قرار دمج القنصلية الأمريكية مع السفارة بالقدس الذي اتخذته الإدارة الأمريكية بتاريخ 18 أكتوبر 2015؛
◀️ العودة عن قرار قطع كامل المساعدات المقدمة للفلسطينيين؛
◀️ التعجيل بصرف الالتزامات الأمريكية نحو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، بعدما قرر ترامب توقيف وقطع هذه المساعدات؛
◀️ التراجع عن قرار وقف دعم مستشفيات القدس الذي أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية في 7 شتنبر 2018، والذي يقدر ب 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها مساعدات للمستشفيات الفلسطينية في القدس، وعددها 6 مستشفيات، والتي تقدم خدماتها الطبية للفلسطينيين من سكان الضفة (بما فيها الجانب الشرقي للقدس) وغزة؛
◀️ مراجعة قرار إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن وطرد السفير الفلسطيني منه الذي اتخذته الإدارة الأمريكية في 11 أكتوبر 2018؛
◀ ️العودة عن قرار الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني المجرم على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ 1967 الذي اتخذه ترامب في 25 مارس 2019؛
◀️ العدول عن سياسة شرعنة الاستيطان المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، حيث سبق أن أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 19 نونبر 2019، أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات في الأراضي المحتلة “مخالفة للقانون الدولي”؛
◀️ إلغاء صفقة القرن ولوازمها، التي أعلنها ترامب في يناير 2020، والتي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية لما تتضمنه من بنود مجحفة، تهدف إلى تمزيق الجسم الفلسطيني وإعدام حقوق الشعب الفلسطيني، هذه الصفقة التي تعتبر مرجعا لكل إعلانات وصفقات التطبيع التي تقودها أمريكا بسرعة قياسية من أجل التمكين للكيان الغاصب والتغطية عن جرائم الحرب التي ارتكبها.
هذه بعجالة أهم التحديات المطروحة اليوم على إدارة جو بايدن من أجل تجاوز جزء من الصورة القاتمة الراسخة في أذهان الشعوب الحرة بأن أمريكا عدوة للشعوب مثيرة للحروب داعمة للإرهاب الصهيوني.