سعيد مولاي التاج ..التطبيع الثقافي مع “إسرائيل ” من أخطر أنواع التطبيع و صفقة القرن هي تتويج لمسار من الانبطاح العربي
في إطار الحوارات التي يجريها موقع الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، يسعدنا أن نستضيف الأستاذ سعيد مولاي التاج عضو المكتب المركزي للهيئة المغربية للحديث عن قضية التطبيع مع” إسرائيل” التي عرفت مؤخرا نوعا من البروز في إطار ما سمي بصفقة القرن .
1 – يلاحظ المتتبع أن وثيرة التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني قد ارتفعت بعد الإعلان عن بنوذ صفقة القرن كيف تفسر هذا الأمر؟
صفقة القرن هي تتويج لمسار من الانبطاح العربي، ونتيجة لمسلسل من الخيانات الرسمية العربية والاختراقات الصهيونية والدبلوماسية التي تعرض لها الصف العربي وليست بداية، لكن الجديد هو بروز قيادات على شاكلة ترمب عندهم والسيسي عندنا، قيادات تفتقد الرؤية الإستراتيجية والتقدير السياسي وتمارس السياسة ببرغماتية فجة، فترامب يمارس السياسة بعقلية مقاولاتية تستهدف الرأسمال اليميني الصهيوني ماديا وبشريا لتحقيق أرباح مادية وسياسية، وساسة العالم العربي زعامات من الدرجة الثالثة توقع شيكات على بياض للكيان الصهيوني حفاظا على كراسيها وعروشها وإرضاء للعراب الأمريكي الذي صار يمارس الضغط على المكشوف وبانحياز واضح يخرق حتى قواعد القانون الدولي والقرارات الأممية والشرعية الدولية.
ولهذا فليس من المستغرب أن نجد هذا التسابق المحموم والمفضوح للتطبيع مع الكيان الصهيوني رسميا في كل العواصم العربية بأشكال مختلفة وتحت يافطات متعددة ثقافية ورياضية وفنية واقتصادية وغيرها.
2 – في سياق الحديث عن التطبيع العربي، أين يقف المغرب في هذا الأمر خصوصا بعد ععد من الخطوات التطبيعية المغربية؟
المغرب ليس بدعا من الدول، اقصد دائما المغرب الرسمي فهو متورط مع الكيان الصهيوني حتى النخاع سياسيا وأمنيا منذ الاستقلال وحتى الآن وهذه احد مخازي المخزن التاريخية منذ رحلات التهجير الأولى ليهود المغرب مرورا بدوره السري و المحوري في اتفاقات التطبيع المسماة سلاما وصولا إلى فتح مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط في فترة من الفترات، وما يعرفه المغرب الآن من تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والفني رسميا وبرعاية السلطات المغربية العليا، هو تطبيع يزداد ومؤشرات التبادل التجاري ومعدلاته التي تكشف عنها الدوائر الرسمية والإعلامية الصهيونية تفضحه رغم محاولات التكتم.
3- من بين ما برز مؤخرا هو التطبيع الثقافي والفني مع بداية بث مسلسل أم هارون، ما موقفك من هذا النوع من التطبيع؟
من دون شك التطبيع الثقافي هو أخطر أنواع التطبيع لأنه يستهدف العقول والقلوب من خلال الفكر والفن والإبداع، فهو تطبيع ناعم يتسرب إلى أعماق النفوس ليعيد تشكيلها والى العقول ليغسلها دماغيا حتى تتقبل ما لا يقبل وتستسيغ ما لا يسوغ، ولهذا تنبهت المؤسسات الإستراتيجية في الكيان الصهيوني إلى خطورة هذا السلاح فشرعت في تمويل المشاريع الثقافية والفنية واحتضان بعض أشباه المثقفين والفنانين وتنظيم بعض المسابقات والمهرجات والجوائز الدولية وكذا تمويل بعض الأعمال الدرامية و الثقافية ومسلسل أم هارون أحد حلقاتها فقط وإلا فالتطبيع يحرر كل يوم في شبكات البترودولار.
وموقفنا لا يقتصر على الرفض والفضح لمثل هذه الأعمال وهو واجب شرعي وسياسي وإنساني بل ندعو المثقفين العرب والمؤسسات الفنية العربية الرسمية والمستقلة إلى تكثيف الإنتاج الفني والدرامي الداعم للقضية الفلسطينية وتاريخها ورموزها .
4- كيف تقيم الجهود التي ترمي إلى مواجهة هذه الظاهرة وهل تكفي عملية الرصد والتظاهر فقط ؟
فنحن أمام هذا الواقع العربي المهرول المنبطح مدعون إلى تعزيز جبهات الصمود والمقاومة لمشروع الهيمنة الصهيوني الأمريكي في المنطقة عل كل المستويات فسلاح المقاطعة أبان على جدوى كبيرة والحملات الإعلامية الدولية الفاضحة لجرائم لاحتلال الصهيوني أيضا سلاح قوي تحتاج إلى تطوير وابتكار في الأساليب والطرق لمحاصرة الصهاينة ورموزهم دوليا ..و التجارب أبانت على أن الكيان الصهيوني اوهن من نسج العنكبوت.
5 – كلمة ختامية .
في الأخير أوجه كلامي إلى الأمة، وخاصة شبابها: لا تصدقوا أصوات الإحباط والتيئيس، فالقضية الفلسطينية رغم الخيانات المتواصلة والصفقات والاتفاقات المشبوهة لن تموت، فقد مرت تاريخيا من فترات عصيبة خانها القريب وتخلى الغريب ومع ذلك كانت تصمد وتستمر جذوتها في الاشتعال والتوهج لأن وقودها هو دماء الشهداء ودعم الأحرار والشرفاء في العالم ، فلا يأس مع النضال ولا نضال مع اليأس ففلسطين بوصلة توجه الإنسانية إلى جوهرها الذي هو الحرية والكرامة والعدل .