أسرانا رغم الألم هم فخر امتنا و زاد قوتها
سعيد جناح
إن المعانات المريرة و الصعبة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون في السجون الاسرائلية و التي لا شك ذاق مرارتها مئات الآلاف من جميع أبناء الشعب الفلسطيني و العربي بجميع أطيافه و بكل فئاته المجتمعية، علما أن السجان لا يميز فيها بين الأطفال و الشباب و الشيوخ و لا بين الرجال و النساء لأنه يعلم جيدا أن الكل مجمع على إزالة هذا السرطان الذي زرع بين أضلع هذه الأمة، و الذي لا شك إن شاء الله إلى زوال.
إن هذه المعانات لن تذهب سدا بل تصنع تراكمات جهادية أثبتت الأيام أنها لا تزيد المجاهدين و المناضلين إلا قوة و إصرارا في الدفاع عن حقهم في وطن حر و مستقل و، الأكثر من ذلك فهي مدرسة يوسفية بامتياز قوامها الصبر و التفاؤل و الأمل و الثقة في وعد الله الذي لا يخلف الميعاد
لا شك أن لهذه الاعتقالات اثأرا معنوية و نفسية ومادية على المجتمع الفلسطيني بصفة عامة وعلى المعتقلين بصفة خاصة، حيث نجد أن من الأسرى من تم اغتياله أثناء الأسر ومنهم من بقي مصابا بالرصاصات التي اعتقلت معه في جسده حتى فارق الحياة ، ومنهم نهشه المرض وهو يلتمس العلاج دون جدوى، ومنهم أنهى مدد اعتقاله و كان محظوظا و أفرج عنه بعد سنوات طويلة وخرج إلى الحياة مثقلا بذكرياته المريرة وعلله المستدامة، ومنهم من لازالت الأقدار تطالبه باستمرار رسم بطولات و معارك ملحمة الصمود الإنساني داخل سجون القهر الصهيوني، و منهم ومنهم.. و لكن الحقيقة أن هذه المعانات رغم أذاها إلا أنها تصنع الفخر و تصنع الرجال و تبعت روح الأمل في الأمة بأكملها خاصة مع الصمود الأسطوري الذي يسجله أبناءها رغم جميع الوسائل الخسيسة والدنيئة التي يستعملها المحتل سواء مع الأسرى أو مع عائلاتهم .
كل ما سبق يفرض علينا أن نناصر إخوتنا و أخواتنا ضد هذه الغطرسة و هذا الظلم الصهيوني، خاصة في ظل الصمت المريب الذي تعرفه قضيتهم في جميع المحافل الدولية التي من المفروض أن تعنى بمثل هذه القضايا الحقوقية التي نجدها في بعض القضايا الإنسانية أو الحقوقية المتعلقة بالمواطن الغربي تقيم الدنيا و لا تقعدها ، في حين و أمام حرب الإبادة الممنهجة التي تسلكها القوات الصهيونية في حق أبناء الأرض الأصليين، و من يناصرونهم من أحرار تجد هذه الدول و هذه المؤسسات غائبة و كأن الأمر لا يعنيها مدعمة في ذلك بالمؤسسات الرسمية العربية التي تتعامل مع هذه القضايا كإرث ثقيل تريد التخلص منه في أسرع وقت، مستعملة في ذلك كل الوسائل الممكنة و على رأسها إعلامها الذي لا شغل له إلا الهاء الأمة عن قضاياها الحية، وذلك بافتعال قضايا وهمية و هامشية، و كذلك عبر التضخيم و النفخ في أمور لا تعكس حقيقة ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من أخلاق و مبادئ، مما يضاعف من مسؤولية الأحرار من أبناء هذه الأمة تجاه قضايا أمتهم و في مقدمتها في الوقت الراهن معاناة أسراها و أسيراتها في أقبية السجون اليهودية .
إن بعض الحملات التحسيسية التي تقودها العديد من الهيئات المدنية و الحقوقية على مستوى عالمنا العربي و الإسلامي، لتجسد صرخة صادقة معبرة عن مرارة و حزن آتية من خلف معاناة الأهالي ومن غياهب السجون، لتفضح جرائم الاحتلال و من يساندونه و يدعمونه من الأنظمة الديكتاتورية ومن ورائها الأنظمة الاستعمارية التي رغم كل ما تتجمل به من صباغات و أدهان الديمقراطية و شعارات حقوق الإنسان سرعان ما تتبخر على صخرة معانات أبناء الأمة في مجموعة من القضايا و على رأسها قضية معتقليها الفلسطينيين.
إن و اجب النصرة و الأخوة وواجب انتمائنا إلى الإنسانية يفرض علينا أن ندعم قضيتهم العادلة، وندعم حقهم في تحرير وطنهم و نعزز صمودهم، و أن نفضح جميع الممارسات و الانتهاكات اللانسانية بحقهم، كما يجب علينا أن نطلع الرأي العام الدولي عامة و الإسلامي خاصة بمعاناتهم بشكل دقيق و مفصل و نسلك جميع السبل المشروعة و القانونية التي من شأنها الإيفاء بالغرض و من أهمها في الوقت الحالي إبقاء قضيتهم حية بين جميع أبناء هذه الأمة إلى أن يأذن الله بالنصر و ما ذلك على الله بعزيز