وأنا أقلب صفحات أحداث اليوم والليلة ، تراءت لي في الأفق بشائر يقظة فتية للشعوب العربية والإسلامية ، انتشر صداها فغذا عالميا . شباب وشواب تفتقت قضية الإسلام المركزية ” فلسطين السليبة” من بين همومهم اليومية المثقلة لكواهلهم. لكم تنتفض السويداء حين رفعت الأعلام والشارات الفلسطينية خفاقة غير خجولة ، وانبرى الإعلام العبري وقنواته يعض أنامله من الغيظ حنقا وغضبا ؛ين رفض في منتدى كروي عالمي، فولى خائبا ولم يعقب . صرخة مدوية أمام عدسات كاميرات العدو ال&هيوني “عاشت القدس حرة والخزي والعار للمحتل والمطبع الخائن”.
إن ما خنقته أنظمة الجبر الاستبدادية المتسارعة للتطبيع وخيانة الأمة وقضيتها المركزية” بيت المقدس” أظهره الله بسلاسة حكيمة لم تكن في حسبان الاستكبار العالمي، في عرس كروي هو بالنهاية أحد صنائعه المادية والسياسية. ظنوا أنهم مانعتهم قوتهم وآلتهم المدججة بالمال والسلطة وولاء النفاق الأعمى لعلو فاسد مفسد اخترق الأمة بالتطبيع المخزي . هو ظن الجاهلية المذمومة بلغة القرآن، أعجبتها كثرتها وحميتها وحكمها وتبرجها ، فعاتت في المسجد الأقصى إفسادا وحين ووجهت بمقاومة المرابطين والمرابطات وأسد العرين تسعى جاهدة لمسخ فطرة الشعوب بإفسادها .يأتي الله بالفتح من حيث لم يحتسبوا ، وهل للمفسد حسبان ؟ وأنى له ذلك؟ يقول الله تعالى مخاطبا أهل النفاق الموالين للمفسدين من اليهود والنصارى : ” فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا نادمين “.
لافتح إلا بنصرة شعبية لله ولرسوله ولقضايا الأمة ، ولا نصرة إلا بهجرة النفاق وقطع الولاء لأذنابهم، وفضح مخططاتهم الممجدة للرواية ال&هيونية المدلسة للحقيقة والحق. سنة الله في تدافع الجاهلية والإسلام، والحق والباطل ابتلاء لا مناص منه، هو درس للمسلم المستضعف في كل بقاع الأرض كيف يوقن بالنصر وأسباب الغيب المعجزة للعقل البشري البسيط ، ويؤمن به، ويرابط في سبيل تحقيقه بشتى السبل. الغيب يهيئ الأسباب ليجعله حقا فيغيظ به قوما كافرين. تبرق لنا بعض من إشاراته الحكيمة ، شارة فلسطينة تهزم شارة الشذوذ ودعاة الفواحش في مدرجات الكرة.بعد أن كان العلم يمزق في باحات الأقصى ويمنع في الاحتجاجات الشعبية في بعض أصقاع الأمة . بشرت النبوة بفتح فارس والشام واليمن بعد أن فتحت خندقا بين أهل الحق وأهل الكفر ومن والاهم من اليهود والنفاق . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفر وسلمان معه وهو يكبر محفزا بعد أن عرضت لهم صخرة لا تنفع معها المعاول :” الله اكبر أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة …” ( فتح الباري رقم458 ج 7 ) وهكذا طفق النبي صلوات ربي عليه يزيح الصخرة وفي كل قطعة تسقط يعطى مفاتيح فارس ثم مفاتيح اليمن .
يقول الإمام عبدالسلام ياسين رحمه الله حين حديثه عن الجرح الفلسطيني النازف: ” ستظل إسرائيل الابتلاء مؤقتا ريثما يدرك المليار ونصف المليار مسلم المتشرذمون هويتهم الحقيقية، لأن الابتلاء مفهوم مركزي في الإسلام يميز الله به الذين آمنوا من الكافرين.” الإسلام والحداثة 132 ص.ما من سبيل للتحرر من بلاء العلو المفسد إلا بالانعتاق الجماعي من دائرته المفسدة التي رسمها الاستكبار وإعلامه المضلل، ثم كشف اللثام عن أكذوبته التلموذية في الاستحواذ على الأرض والمسجد والإنسان. فالقرآن أخبر والواقع يشهد أنه ما دخل أرضا إلا ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل يقول تعالى : ” لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ” سورة الإسراء . نعيش مظاهره الإفسادية في الفطرة والدين والتعليم والفكر والاقتصاد ، “وعد الله جلي في كتاب الله ، لكن تحقيقه رهين ببضعة شروط؛ بالإيمان بالمؤهلات السياسية والاجتماعية ؛ بالمقاومة والاستشهاد، وبالإعداد المتأني إلى أن يحل يوم ” التداول “، فالنصر رهين بالاستحقاق” المصدر نفسه. الإعداد المتأني إسماع للفطرة السليمة صوت الحق ، والإيمان وبشارة الوحي والنبوة ،فيكون الولاء لله وحده ببذل النفس والمال في سبيله ،”قرية إفساد صهيونية تقاتلها كمشة من جند الله الموقنين بالآخرة . لا تسأل عن عدتهم، وعتادهم، وعددهم، وكيف؟ ومتى؟ وأنى لهم؟ فكم من فئة مؤمنة محتسبة غلبت فئة غاصبة ظالمة مستكبرة في الأرض بإذن الله، يقول رب العزة: “إن ربك فعال لما يريد” كتاب خطة التحرر من الإفساد ص105