كيفَ السّبيلُ إلى تحريرِها.. دُلَّني!
سُميَّة البقالي القاسمي
جلستُ وحيدة أبكي و أشكو اللهَ عجزي وقلةَ حيلتي، أخبرته أن وُلاة الأمر خذلوا و تواطؤوا.. ساوَموا وباعوا، أخبرتُه أن أقصانا يستصرخنا و لا نقوى على الذّوذ عنه، دَعَوتُه أن يكون عوناً و نصيراً لإخوتنا هناك، و أن يُيّسر لنا سُبل نصرتهم و يُسخرنا للدفاع عن القضية. بكيتُ و بكيت حتى جفت مآقيَّ، فما باليد حيلة غير البكاء والدعاء.
أخذتُ قرآني، فتحته بطريقة عشوائية، وبدأت أرتل الآيات الأولى من الصفحة: {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} الإسراء 104 ، ابتسامة عريضة شقت وجهي و أنا أعيد قراءة الآيات المرة تلو الأخرى، و في كل كرّة أتأكد أنها رسالة الله لي، و أنّ ما قرأته كان جوابَه الشافي!
فرحة عارمة غمرَت قلبي، ودموع القهر انقلبت دموعَ سعادة و يقين؛ فقد أدركت أن هذه المحنَ هي مخاضُ أمة تستعد لولادة نصر قريب، و أن شدّة آلام هذه الأمة المثخنة بالجراح تحمل في طيّاتها بشائرَ وعد الآخرة، أدركت أن اليهود الآن يصِلون إلى ذروة قوتهم وقمة علوّهم لا لشيء إلا ليحققوا آية الله التي نزلت منذ آلاف السنين، فهاهم الآن يجتمعون لفيفاً، يقتحمون و يسلبون، ها هم ينقلون سفارتهم إلى أراضينا المقدّسة و يعلنون القدس عاصمةً لكيانهم الغاصب، كل هذا من أجل أن يُنجِز الله وعدَه و ندخل فلسطين جيوشاً محرّرين.
فجأة قطع سيلَ أفكاري سؤالٌ آلمني؛ كيف السبيل إلى النصر وحكامنا مشكوك في عروبَتهم؟ كيف ننتصر و وُلاة الأمر اعتادوا الصفع حتى لم نعد نعرف ملامحَهم أهي عربية أم عِبرية؟!
يوهموننا أننا أمة عاجزة ضعيفة و ما نحن كذلك! بل نحن قوة جبّارة إن اتحدنا و وحّدنا الصفوف لإعلاء كلمة لا إله إلا الله؛ فلدينا إمكانات تؤهلنا لنقود الأمم و نخلعَ الكيان الصهيوني من مكانه إلى الأبد! ولا ينقصنا لفعل ذلك سوى التفاف حول قيادة راشدة و إرادة قويّة.
إن تحرير بيت المقدس وعد قرآني و حقيقة حتمية، ومسيرةُ التحرير تنطلق من تحرير الأوطان أولاً؛ فالنصر رهينٌ بإسقاط أنظمة الاستبداد و تهييء الشعوب إيمانياً وفكرياً واجتماعياً و روحياً وجهادياً، للوصول في النهاية إلى الغاية الكبرى و تحرير أراضينا من المحيط إلى الخليج.
{وَ يقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً}.