مقالات

سعيد مولاي التاج..اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بين التاريخ والسياسة.

بقلم الأستاذ  سعيد مولاي التاج

اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يوم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1977 وجعلته مناسبة دولية للاحتفال في 29 نونبر من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. واختارت هذا التاريخ بالتحديد للتذكير بقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة في عام 1947 والذي نص على قيام دولتين، قامت إحداهما بالحديد والنار وتواطؤ ودعم دول العالم الكبرى على جماجم وتاريخ وأرض شعب تعرض الإبادة والتهجير على يد عصابات الهاجاناه التي تأسست عام 1920 أيام الاحتلال البريطاني لفلسطين، في مدينة القدس، وهي منظمة عسكرية صهيونية استيطانية، قامت بترهيب الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم وتوّطين مكانهم قطعان المهاجرين اليهود من شداد الآفاق.

ولازال شعب الدولة الأخرى بقرار الأمم المتحدة 32ب، الشعب الفلسطيني لاجئا منفيا محاصرا معتقلا ملاحقا يقتل أطفاله ويؤسر شبابه وترمل نساؤه أمام مرأى ومسمع من عالم يتشدق بشعارات حقوق الإنسان والقوانين الدولية والكرامة الإنسانية طوال قرن إلا ربعا، بمقتضى قرار تقسيم أممي جائر أصدرته الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة تحت رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي:

دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000 كـم2) ما يمثل 42.3% من فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.

دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كـم2) ما يمثل 57.7% من مساحة فلسطين المحتلة، وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً.

منطقة دولية:القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.

وقد استهدفت الأمم المتحدة من وراء تخليد هذه المناسبة، الذي جاء بمبادرة من عدد من الدول العربية ودول عدم الانحياز حينها، حشد التضامن الدولي مع حقوق الشعب الفلسطيني، من أجل تحقيق تسوية سياسية تحقق السلام العادل والشامل كما جاء في نص القرار وتمكين الفلسطينيين من قيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وعملت العديد من هيئات الأمم المتحدة على إطلاق حملات لنشاط تضامني دولي واسع ونشيط لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل استرجاع حقوقه المغتصبة، لكنها تحولت مع مرور الوقت إلى مناسبة لوخز الضمير العالمي المخدر بالدعاية والضغط الصهيونين، لعله يستيقظ ويدرك حجم الجريمة التاريخية النكراء التي اقترفها في حق شعب ما زال يقاسي ويلاتها لحد اليوم أجيالا بعد أجيال.

إن احتفاء الأمم المتحدة وخاصة دول أوروبا وأمريكا والروس بهذا اليوم، يوم قرار التقسيم ال75، لا يعفيها من مسؤولية تاريخية كبرى، فهي التي شرعنت لوجود كيان غاصب، ولم تستطع إرغامه على الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة، بل دعمت وجوده وغطرسته بمساندة سياسية ودبلوماسية واقتصادية، فأوروبا التي كانت تريد التخلص من عقدة الاضطهاد اليهودي التاريخي، قررت في الوقت عينه التخلص من العنصر اليهودي، الذكي الماهر النشط تجاريا وإعلاميا، والذي استغل مساحات الحرية في أوروبا وما حققه من مكاسب اجتماعية وسياسية وإعلامية مهد لها المال اليهودي والنخبة المثقفة اليهودية، لابتزاز الأوربيين والحصول على أرض تطلع عليها الشمس وتشكل وطنا قوميا لليهود “أرض ميعاد” لاسيما بعد تنامي قوة المنظمات الصهيونية، التي وظفت بشكل ماكر قضية الاضطهاد العنصري الأوروبي خاصة المجازر النازية، التي اتهم الصهاينة القادة الأوروبيين بأنهم شركاء لهتلر فيها، كما اغتنمت الحركة الصهيونية الفرصة التاريخية المتمثلة في رغبة استعمارية بريطانية تريد التحكم في المنطقة بشكل غير مباشر بعد تزايد المطالبات الوطنية بالاستقلال،وارتفاع ضغط قوة الدعاية الإيديولوجية الصهيونية التي تمكنت من حشد أعداد هائلة من المهاجرين الذين تم توطينهم في فلسطين، بعد أن نجحت العصابات الإرهابية الصهيونية النشطة بزعامة الجيل الصهيوني الثاني والتي تمكنت من إخلاء مناطق كبيرة من سكانها الفلسطينين.

فإذا كان وعد بولفور المشؤوم يعتبر البدايةالسياسية النظرية لتأسيس الكيان الصهيوني، وإعلانا منفردا من قوة استعمارية كبرى هي بريطانيا، فإن قرار التقسيم هو قرار جماعي غربي تواطئي، سمح لأوروبابالتخفيف من الضغط اليهودي على بلادها أولا ومن التكفير عن خطيئتها ثانياً، أما أمريكا، فلم تخفي دعمها للصهاينة منذولادتها لأربعةاعتبارات أكثر أهمية من دوافع أوربا،لعل أولها العقيدة المشتركة بين اليهود والبروتستانتيين المستمدة من التوراة وتشكل مملكة صهيون درتها. وثانيها السيطرة على مصادر النفط العربية من خلال زرع حليف استراتيجي في المنطقة يكون عينا وحارسا أمينا،يضاف إلى هذا وجود لوبيات يهودية في واشنطن مدعومة بحوالي ستة ملايين من اليهود يتمتعون بنفوذ مالي وإعلامي وسياسي، وأخيرا يضاف إلى هذا الصراع على مناطق النفوذ الإيديولوجي في فترة الحرب الباردة، حيث كانت مناطق الشرق الأوسط إحدى ساحات الصراع الرأسمالي / الشيوعي، التي راهنت فيها أمريكا على حليفتها في ظل طغيان الأنظمة الاشتراكية المتحالفة مع المعسكر الشرقي.

ولئن كانت بعض هذه العوامل يعرف تراجعا نسبيا، بسبب ارتفاع الوعي الدولي العام وانفضاح الدعاية الصهيونية بفعل وحشية الصهاينة وجرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، وتغير المعطيات الدولية في ظل انزياح مناطق الصراع الأيديولوجي والسيطرة الامريكية والغربية الفعلية على مصادر النفط، فإن عقدة الذنب والعقيدة المشتركة وتمكن اللوبي الصهيوني سياسيا وإعلاميا تظل عوامل حاسمة في استمرارية هذا الدعم غير المشروط، الذي يرفض حتى التسليم بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وتحرير أراضيه ويصنفه حركات إرهابية ضدا على قرارات الشرعية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium