الذكرى 48 لإحراق المسجد الاقصى..ويستمر الحريق
يصادف يوم 21 غشت من كل سنة، ذكرى إحراق المسجد الاقصى المبارك، وذلك حين أقدم أحد الصهاينة على إحراق المسجد الأقصى المبارك سنة 1969، مما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة بالقسم الجنوبي من المسجد الأقصى المبارك، ضاربين بعرض الحائط بمكانة المسجد في عيون العرب والمسلمين، ولا تزال قوات الاحتلال إلى يومنا هذا تعيث فساداً في المسجد الأقصى وبوتيرة متصاعدة حتى يومنا هذا.
ورغم الجريمة التي شكلت لحظة في تاريخ المسجد المبارك والقضية، إلا أنّ الفكرة الصهيونية بالسيطرة على المسجد الأقصى لا زالت ماثلة وحاضرة بقوة.
الأضرار في الأقصى
حيث أتت ألسنة اللهب على أثاث المسجد الأقصى المبارك وجدرانه ومنبر صلاح الدين الأيوبي، ذلك المنبر التاريخي الذي بناه القائد نور الدين زنكي وأحضره القائد صلاح الدين لإلقاء خطبه من فوقه بعد انتصاره وتحريره لبيت المقدس، وعلى مسجد عمر بن الخطاب، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالًا داخل المسجد الأقصى، وقد بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية .
تعتبر جريمة إحراق المسجد الأقصى من أبشع الاعتداءات التي قامت بها العصابات الصهيونية المدعومة من سلطات الاحتلال بحق المسجد القدسي الشريف، كما أنها محاولة لطمس المعالم العربية والإسلامية في مدينة القدس المحتلة.
ادعاءات الاحتلال
ادعت دولة الاحتلال أن الحريق ناتج عن عطل كهربائي، فأجرت شركة كهرباء القدس تحقيقا فنيا وأعلنت عن سلامة الشبكة، ونفت أي علاقة بين الكهرباء والحدث، وجرى مؤتمر صحفي عقده الشيخ حلمي المحتسب رئيس الهيئة الإسلامية بالقدس، أكّد فيه أنّ الحريق متعمد وليس طبيعيا ولا من جراء التيار الكهربائي، وأشار إلى أنّ مياه البلدية لدى سلطات الاحتلال قطعت من منطقة الحرم فور ظهور الحريق.
وأوضح المحتسب في حينه، أنّ سيارات الإطفاء التابعة لبلدية سلطات الاحتلال تأخر وصولها ومباشرتها عملية الإطفاء، لافتا إلى أنّ الذي أسهم في إخماد الحريق هو وصول سيارات إطفاء بلديتي رام الله والخليل.
عدد كبير من الشهود المسلمين الذين شاركوا في إطفاء الحريق، أكدوا أنهم وجدوا الماء مقطوعاً عن المسجد وعن محيطه العمراني القريب، ولولا وجود آبار ماء داخل ساحة المسجد الأقصى ساعدت على الحصول على القليل من الماء بوسائل يدوية بدائية، لكانت خسائر هذا المسجد أكبر بكثير مما كانت عليه، ومعلوم أن بلدية القدس هي التي تتحكم في توزيع المياه.
واتضح من تقارير المهندسين العرب، أن الحريق شب في موضعين اثنين في وقت واحد، الأول عند المنبر، وقد أتى عليه برمته، والثاني عند السطح الجنوبي الشرقي للمسجد، وأتى على سقف ثلاثة أروقة وعلى جزء كبير من هذا القسم، وكانت المسافة بين موقعي الحريقين لا تقل عن مائتي متر.
وهذه التحقيقات دفعت سلطات الاحتلال إلى الإعلان في (23-8-1969)، عن اعتقال منفذ الحريق وهو شاب استرالي مسيحي دخل إلى البلاد قبل أربعة أشهر، يدعى "دينيس مايكل وليم روهان"(28 عاماً) وينتمى إلى كنيسة الرب (الله) التي تقبل بحرفية التوراة وتنبؤاتها، وأن أتباع هذه الطائفة يولون أهمية كبرى لرجوع اليهود إلى "إسرائيل" وخاصة إلى القدس، ويعتقدون أنهم يستطيعون التعجيل بهدم المسجد الأقصى.
محاولات السيطرة
منذ احتلال فلسطين وأولى المراحل الفعلية للاستيلاء على المسجد الأقصى كانت قد بدأت بُعيد سقوط الجزء الشرقي من مدينة القدس في قبضة الاحتلال عام 1967، وأوضحت الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى منذ أربعين عامًا أن الاحتلال يحاول بشتى الوسائل تحقيق حلم السيطرة عليه، وإن كانت الأيام جعلته يُسلم بعد 40 عامًا من سيطرته على القدس أنه فشل في تحقيق ما يريد.
ومن خلال التحركات الصهيونية فإن الاحتلال طرح مخططين للاستيلاء على المسجد، الأول يقوم من خلال استمرار الحفريات حول الأقصى ومن أسفله لضعضعة جدرانه وأساساته بانتظار انهياره طبيعيًا، والحل الثاني يقوم على تقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والفلسطينيين والسماح لليهود من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية على غرار الواقع الذي فرضته دولة الاحتلال على المسجد الإبراهيمي في الخليل، وهو ما تفرضه الغالبية الصهيونية.
بطولات الفلسطينيين وتخاذل الحكام
ذكرى إحراق المسجد الأقصى مناسبة لتذكير العالم بجرائم الكيان الصهيوني في حق الفلسطينين ومقداستهم وخاصة المسجد الأقصى المبارك الذي بات يشكل محور الصراع الفلسطيني الصهيوني مع محاولات دولة الاحتلال لتقسيمه زمانيا ومكانيا وتوسيع عملية الحفريات أسفله بدعوى البحث عن الهيكل المزعوم ، و بناء جدار الفصل العنصري الذي يعزل القدس عن محيطها الفلسطيني ، ويمنع أبناء الشعب الفلسطيني من الوصول إليها والصلاة في مسجدها الأقصى المبارك ، وكذلك بهدم بيوت أهلها وسحب هوياتهم ومصادرة أراضيهم لبناء المستوطنات وإسكان الجماعات الدينية المتطرفة مكانهم .
كما أنها مناسبة لتوجيه التحية والشكر للمرابطين والمرابطات على أبواب المسجد الأقصى، الذين يقدمون للعالم صورا مشرفة في الدفاع عن أولى القبلتين وثالث المسجدين الشريفين، ومسرى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد رأينا في الأيام القليلة كيف انبرى الفلسطينيين بمختلف أعمارهم وشرائحهم للدفاع عن المسجد الأقصى بعد أن قام اليهود بإغلاقه وزرع البوابات الالكترونية على مداخله، مقدمين الشهداء والمعتقلين، في الوقت الذي لم نشاهد فيه أي تحرك للحكام العرب الذين باعوا فلسطين في مؤتمرات الاستسلام والانقياد،دون الحديث عن المؤسسات الدولية التي أصبحت مواقفها معلومة كلما تعلق الأمر بالإسلام والمسلمين .