الهيئة المغربية تخلد ذكرى هدم حارة المغاربة بندوة دولية
نظمت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، مساء الأربعاء، ندوة فكرية بمناسبة حلول الذكرى الـ53 لهدم “حارة المغاربة” في القدس الشريف سنة 1967 من قبل جيش الاحتلال الصهيوني.
وشارك في الندوة، التي اختارت لها الهيئة عنوان “حارة المغاربة بين النكسة والتحرير”، كل من مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة العدل والإحسان، وعضو مجلس الإرشاد محمد الحمداوي، والأمين العام للائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين الدكتور أكرم العدلوني، وأيضا النائب السابق لرئيس الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين سعود أبو محفوظ، والمرابطة المقدسية هنادي حلواني، وعضو المكتب المركزي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة الدكتور عبد الحفيظ سقراط.
وتحدث عضو مجلس إرشاد الجماعة محمد الحمداوي عن الارتباط الوثيق بين المغاربة في الرباط، ونواكشوط، والجزائر، وتونس، وطرابلس، بالمسجد الأقصى وأرض فلسطين، منذ الحروب الصليبية، مروراً بعدة مراحل عبر الزمان أثبتوا خلالها وفاءهم، وتمسكهم بالقضية، منها فترة الاستعمار الذي اجتاح المنطقة المغاربية إلى هذا العصر.
واعتبر الحمداوي، في الندوة التي بثتها قناة الشاهد، أن ربط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام في رحلة الإسراء والمعراج، يدل على أن الطريق إلى السماء والمجد والعزة، وإن كان منطلقها من مكة، فإنها تمر وجوبا على القدس والمسجد الأقصى، مشيراً إلى أن المغاربة علموا هذه الحقيقة منذ القدم، وكانوا كلما حجوا أو اعتمروا، عرجوا على بيت المقدس زائرين، ومتفقدين، وخادمين للبيت، وداعمين ومعلمين، ومتعلمين، ومجاهدين.
وقال مسؤول مكتب العلاقات الخارجية داخل الجماعة: إن “قضية القدس وفلسطين تعتبر قضية وطنية بالنسبة للمغاربة، بسبب الهجوم على أوقافهم في فلسطين، وتشريد أهاليهم المغاربة هناك”، فضلاً على أنها قضية شرعية لكل العرب والمسلمين.
كما عرج في حديثه على أدوار المغاربة بكل واجهاتهم المهنية وفئاتهم، في الدفاع عن القدس وحارة المغاربة ومساندة النضال الفلسطيني على مر التاريخ.
ودعا القيادي في جماعة العدل والإحسان إلى “الحفاظ على حارة المغاربة، وباب المغاربة، وأوقاف المغاربة، والقدس في القلب والذاكرة والوجدان على مر التاريخ حتى يوم التحرير”، وذلك من خلال نقل الأمانة من جيل إلى جيل، مشددا ً على ضرورة “ترسيخ اليقين في الأنفس والأمة لأن ساعة التحرير الأعظم,وإعادة بناء حارة المغاربة آتية لا ريب فيها، ساعة مشروطة بالعمل الحثيث والمستمر، أفراداً وجماعة، تطوعاً ومؤسساتياً .. لا يعرف التراجع والتردد”.
ومن جهته، اعتبر الأمين العام للائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين الدكتور محمد أكرم العدلوني خسارة “حي المغاربة” جزءاً من خسارة القدس في نكسة عام 1967، مشيراً إلى أن “الاحتلال يستهدف تاريخ الأمة وحقوقها في القدس، ويستهدف وحدتها وانصهار شعوبها ببعضهم”، وتجلى ذلك، يضيف المتحدث، في هدم الحي كاملاً، وتهجير أهله المغاربة لقطع صلتهم المباشرة بالقدس.
ولفت السيد العدلوني الانتباه إلى أن النكسة لم تنجح في إبعاد أهل المغرب العربي عن طريق فلسطين، بل حولت المحنة إلى منحة، وصارت فلسطين قبلتهم في الإمداد، والمساندة والوفاء، والعمل من أجل دحر الاحتلال الصهيوني الغاشم.
ويرى القيادي الفلسطيني أنه كما أثمرت جهود المغاربة بتحرير القدس عام 1887، ستثمر قريباً بإذن الله نصراً وتحريراً تظفر به سماء فلسطين بقدسها، وضفتها، وغزتها، وأرض 48، وشتاتها بكل مكان من بقاع الأمة.
أما النائب السابق لرئيس الائتلاف الدكتور سعود أبو محفوظ، فسلط الضوء على محطات شهدتها حارة المغاربة، منذ تحرير القدس من الصليبيين في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي، مروراً بالعهد العثماني، إلى زمن احتلال القدس من قبل الصهاينة، وهدم الحارة.
وأشار الدكتور أبو محفوظ إلى أن هدف الاحتلال الصهيوني في النهاية هو هدم المسجد الأقصى، إذ بالنسبة لهم “لا قيمة لإسرائيل بدون أورشليم، ولا معنى لأورشليم بدون الهيكل.. نهاية النهايات في اعتقادهم هو الهيكل”.
وتحدث عن صلة الناصر صلاح الدين بالمغاربة، حيث لم يثق إلا فيهم واستقدمهم رغم شراسة مسلمي الكرد الذين شكلوا جل جيشه، مشيراً إلى أن جل المغاربة في جيش صلاح الدين كانوا من الأمازيغ.
كما وجه نداء إلى المغاربة (هذا شرف لكم وأي شرف… وحدكم لكم حارة كاملة متكاملة هي الألصق والأوثق بالمسجد الأقصى …. فأنتم لكم جدار قائم ومسجد قائم ، كنسوا ثلة المغاربة ثم كنسوا ثم كنسوا، فوجدوا مسجدا أيوبيا صلاحيا… ولكنها القوة الباطشة تريد انتزاعكم، مع أنهم متحدون في القبلة الأولى، في البيت المقدسي، وجذوركم فيها أعمق من البحر الميت….
أنتم جزء من الطائفة المنصورة، أنتم المخزون الاستراتيجي للمسجد الأقصى.. نريد نصرتكم، وصرختكم، ودعاءكم يا أهل المغرب.
أنتم على الدوام شرارة بيت المقدس، وإشارة بيت المقدس، وهو يبادلكم حبا بحب، ووفاء بوفاء…فالقدس برميل غضب، وبركان لهب يتفجر على من يتجاوز القبلة الأولى….كان لكم سابق مجد في الديار المقدسية، ومن كانت له جذور ، كان له كل المستقبل، وكانت له سطور،القدس أمانة في أعناقكم
وفي ختام الندوة، لفت الدكتور عبد الحفيظ سقراط عضو المكتب المركزي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة الانتباه إلى أن تنظيم الندوة يأتي لتذكير العالم بجريمة ارتكبت ضداً على كل الأعراف والمواثيق، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي هو جعل “حارة المغاربة” قضية محورية في قلوب وعقول الأبناء والأحفاد، حتى تبقى خالدة إلى حين استرجاع الحق الذي لا يقبل التنازل كاملاً.
و اعتبر الدكتور سقراط هدم الحارة الذي تم بعد 4 أيام من النكسة جريمة ضد التاريخ والإنسانية، وضد كل المغاربيين، مشدداً على أنها خطوة انتقامية من الدور الذي لعبه المغاربة.
وأضاف أن هذه الجريمة ليست مستغربة، لأن الكيان نبت على أرضية أساسها العنف والاستعمار والعنصرية.
وقال إن “حارة المغاربة” ليست مجرد اسم لحي، موضحاً أنها تاريخ، ورمز لتعلق المغاربة بمسرى رسول الله عليه الصلاة والسلام، مؤكداً أن هدمها محاولة من الكيان الصهيوني لقطع الصلة بين المغاربة وبيت المقدس، وتعلقهم وارتباطهم الذي لن تزيده الأيام إلا متانة، وجرائم الصهيونية إلا إصرارا وعزيمة.
وختم قائلاً: “كما كان للأجداد دور في تحرير القدس من الصليبيين، سيكون للأحفاد دور في تحريرها من الصهاينة،
حقنا لا يقبل التقادم إنه وقف لا يجوز التخلي عنه”.
يذكر أنه تم توقيف المرابطة المقدسية هنادي الحلواني قبل دقائق من التسجيل معها لفائدة الندوة، وضدا عن إرادة تغييبها من طرف الكيان الصهيوني، أصرت الهيئة على حضورها الرمزي في الندوة ببث كلماتها الصوتية قبل اعتقالها واقتيادها لسجن الرملة، وكذلك رسالتها بعد إطلاق سراحها.
وقد قررت محكمة الاحتلال الصهيوني الإفراج عنها مع إبعاد عن البلدة القديمة خمسة عشر يوماً، وكفالة مالية مقدارها 1000 شيكل.
وقد جاء في كلمتها لأهل المغرب: “بارك الله في أهلنا في المغرب وبارك في جهودكم لمساندتكم لأهلكم في مدينة القدس وفي فلسطين كافة.”
وقد أدار الندوة باقتدار الأستاذ الباحث في القضية الفلسطينية ومقارنة الأديان والإعلامي محمد الرياحي عضو مكتب الهيئة المغربية لنصرة قضايا الامة