في حوار حصري..أبو الشتاء يؤكد أن كل القوى الحية تدين و تتبرأُ من القرار التطبيعي مع دولة الاحتلال
لتسليط الضوء على الخطوة التطبيعية للنظام المغربي مع دولة الاحتلال، يستضيف الموقع في أول حوار ضمن مجموعة من الحوارات مع ثلة من الشخصيات المغربية المعروفة بمناهضتها للتطبيع، الأستاذ مساعف أبو الشتاء عضو المرصد المغربي لمناهضة التطبيع وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والاحسان، ليجيب عن أسئلة الموقع ويقرب القارئ الكريم من هذا الفعل غير المسبوق .
- كيف تلقيت إعلان المغرب تطبيع علاقاته مع “إسرائيل”؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه،أسأل الله عز وجل أن يبارك فيكم وفي جهودكم الإعلامية الجادة على طريق نصرة القضية الفلسطينية ومناصرة قضايا الأمة والمستضعفين في الأرض الذين تسومهم اليوم الآلة الاستكبارية كل أنواع الخسف والعسف والظلم، ولعل المسلمين ومقدساتهم هم الضحية الأولى لهذا الظلم الجاثم على العباد، وما حدثُ التطبيع إلا عنوان بارز على علو هذه الآلة المتغطرسة التي تسكنها روح الصهيونية الممتدة في هياكل ومؤسسات النظام الدولي وبنيته الاقتصادية والثقافية والسياسية، أما بخصوص سؤالكم، سيظل يوم 22 دجنبر 2020، تاريخا كالحا مخزيا في سجلّ النظام المخزني بالمغرب، فهو يوم أسود مظلم بظلمة الوفد الملطخ بدماء الأطفال والنساء، الذي أُشرعت له أبواب المغرب أرض الرباط والجهاد والمقاومة الباسلة للاستعمار، إن إعلان المغرب التطبيع مع “إسرائيل” قرار مخز تفوح منه رائحة الغدر والخيانة لقضية الأمة المركزية، التي ستظل قضية حية بنبض الشارع وبمشاعر المسلمين وأحرار العالم الذين سيظلون أوفياء لنصرة القضية، ومرابطين بحزم وقوة لمناهضة التطبيع ومعاداة الصهيونية المتوحشة الماكرة التي أضحت جرائمها وغطرستها وطمعها وجشعها معلومة في العالمين.
- كيف تقرأ ربط التطبيع بقضية الصحراء، وهل المغرب فكر فعلا بمنطق الربح؟
هذا الربط هو هدية مسمومة وأحد أوجه مكر الصهاينة، الذين لا شك يعلمون علم اليقين حجم مناهضة الشعوب وفي مقدمتها الشعب المغربي للتطبيع مع الكيان الغاصب، فشعبنا المغربي العظيم أثبت طيلة تاريخه المجيد وفاءه وإخلاصه للقضية الفلسطينية التي تشكل جزء من هويته وكيانه وثوابته التي لا تتغير، فهي بمقام وحدته الترابية وسيادته على الأرض، فالمغاربة الذي جاهدوا إلى جانب صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى وقاتلوا وقتلوا في سبيل تحرير القدس واستحقوا بذلك حارة وبابا لازال يحمل اسم ” باب المغاربة”، ولا زال شاهدا بشهود المسيرات الحاشدة والوقفات والفعاليات على مناصرة المغاربة للقضية الفلسطينية، هؤلاء المغاربة هم أنفسهم من حاربوا الاستعمار، واستشهدوا في ساحات الوغى ضد المستعمر لتحرير الأراضي المغربية، ومنهممن لبى نداء الشهادة من أجل الوطن، فكيف يقبل المغاربة الأحرار أن يبيعوا ويقايضوا فلسطين بصفقة وهمية من أجل قضية الصحراء التي ستظل قضية عادلة بشرعيتها التاريخية والجغرافية والحضارية، فالمغاربة لن يقبلوا أبدا هذه الصفقة على حساب حقوق تاريخية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
- خرج المواطنون في عدة مدن رفضا للقرار، هل هذا يعني أن الشعب سيواجه ترسيم العلاقات مع دولة الاحتلال؟
نعم الشعب المغربي سيواجه بكل حزم وعزم ترسيم العلاقات مع دولة الاحتلال، وهذا ليس بغريب عن المغاربة ولذلك فإذا كان المهرولون يراهنون على مسألة الوقت لاستساغة صفقة التطبيع فإنهم واهمون، وإذا كان المتخاذلون يستغلون اليوم حالة الطوارئ الصحية لمنع الفعاليات والوقفات، فإننا نقول لهم وبكل يقين أن المغاربة سيظلون أوفياء لقضية فلسطين باعتبارها قضية دينية وعقدية بالنسبة لهم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطالها النسيان مع مرور الزمن، كما أن المغاربة واعون جيدا بالمخاطر الاستراتيجية للتطبيع على نسيجنا المجتمعي وبنياننا المعنوي والأخلاقي والديني وعلى مصالحنا الاقتصادية، لأن الصهاينة لم يطؤوا أرضا إلا وعاثوا فيها إفسادا لأخلاق أهلها، وطمعوا في خيراتها ومواردها، ومزقوا نسيجها وشتتوا وحدتها، وقصفوها بكل أنواع البلايا والرزايا حتى تصبح خرابا كالصريم، ولنا في تجارب العديد من البلدان التي جربت التطبيع الكثير من العبر والدروس، ويا ليث قومي يعلمون.
- ماذا عن دور الهيئات المعارضة للقرار كيف ستناهض التطبيع؟
إن الشعب المغربي الحر وفي صلبه القوى الحية المعارضة لسياسة التطبيع مع الكيان المحتل، لن تقبل أبدا أن تضع اليد في يد ملطخة بدماء الأبرياء، ولا أن تضفي الشرعية على كيان غاصب للأرض مجرم عنصري. وواهم وكاذب من يصرح أن القرار يحظى بإجماع فئات المجتمع، وهو يرى كل قواه الحية تدين وتتبرأُ من القرار الانفرادي. ولقد تابعتم حجم المواقف الكثيفة التي أصدرتها عشرات الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية المغربية على اختلاف مشاربها والتي أجمعت على موقفها الرافض للتطبيع مهما كانت مبرراته ورهاناته، وفي هذا الإطار فإن القوى الحية بالمغرب على وعي تام بمتطلبات المرحلة وما تقتضيه من تكتل وتكثيف جهود التنسيق ورفع مستوى اليقظة المجتمعية، والقيام بمبادرات نوعية لمواجهة التطبيع بكل الأشكال المشروعة في أفق بناء جبهة وطنية واسعة ممانعة للتطبيع ومقاومة للصهيونية ومناهضة لكل اختراق صهيوني لبلادنا.
- هل يمكنك تقريبنا من غاية وخطة “إسرائيل” من وراء التطبيع مع الحكام العرب؟
لقد أصبح من المؤكد اليوم، حجم النفق الذي وصل له الكيان الصهيوني بعد سنوات من مسلسل سراب السلام، ف” اسرائيل” أضحت تعيش أزمة حقيقية خانقة وعزلة إقليمية ودولية بسبب جرائمها المتواترة، كما أن الكيان المحتل يعيش مخاضاتوضغوظ داخلية بسبب عوامل متعددة، لذلك تحاول “إسرائيل” أن تصرف أزمتها للخروج من الطوق، محاولة المرور بأقصى سرعة لتنفيذ مشروعها الاستعماري التوسعي، الذي يستند على عقيدة تلمودية يهودية محرفة غايتها إقامة دولة “إسرائيل الكبرى”، وقد وجد الكيان ضالته مع حكام فقدوا شرعيتهم مع شعوبهم، فاختاروا الاصطفاف مع الكيان الغاصب، لكن صدقني إن قلت لكم بأن توقيع حكام العرب على اتفاقيات التطبيع، هو بيع للوهم والسراب، لأن الحكام يعتقدون من وراء ذلك أنهم تحصنوا بقوة قاهرة ستحمي كراسيهم وعروشهم المهترئة، وأن “إسرائيل” مانعتهم من حراك شعوبهم الغاضبةمن سياسات الحكام الذين يسومون شعوبهم عذابات القهر الاجتماعي والظلم الاقتصادي والسياسي، بسبب الاستبداد والفساد، وهذا لعمري بصم على صك الخراب، وتوقيع على خروجهم من التاريخ المجيد للأمة وسقوط مدو في دركات الذل والهوان، وستبدي لنا الأيام حجم الخسران، وما في هذا الطعم من سم ناقع، لأن “إسرائيل” لا يهمها إلا مصالحها وأهدافها الاستعمارية التوسعية، لكن لنكن على يقين تام بأن هذه الصفقات المشؤومة ستكون بإذن الله كاشفة لمكر الصهاينة وتهورهم وصلفهم، وفاضحة لغدر الحكام وهوانهم وناسفة لمشروع الصهيونية برمته، وداعمة لقامات الممانعة والمقاومة ورافعة لوعي الأمة لتستفيق من سباتها وتتطلع نحو مجدها لتكون سببا في تحقيق وعد الله عز وجل وعد الآخرة الذي أخبرنا عنه الحق سبحانه وتعالى بقوله:” إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖوَإِنْأَسَأْتُمْ فَلَهَاۚفَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ” الاسراء الأية7 صدق الله العظيم.