جبهة مناهضة التطبيع تعقد مجلسها الوطني الثالث وتكرم هرمين مغربيين
عقدت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، صباح يومه الأحد 7 ماي 2023، مجلسها الوطني الثالث تحت شعار “جميعا مع المقاومة الفلسطينية ومناهضة التطبيع”، بالعاصمة الرباط.
المجلس الوطني، الذي احتضن أشغاله المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عرف مشاركة مختلف مؤسسات الجبهة ومنتدبي فروعها وأعضاء مكتبها المركزي، وتميز بحضور فاعلين مدنيين وقادة سياسيين ورؤساء أحزاب ومثقفين.
وتوزعت أعمال المجلس على ثلاثة محاور رئيسة؛ الأول كان عبارة عن الجلسة الافتتاحية، والثاني عرف تكريم المناضلين الشامخين النقيب عبد الرحمن بنعمرو والأستاذ محمد بنسعيد، والثالث خُصّص لأشغال المجلس الوطني التنظيمية والمالية والأدبية.
مرحلة المواجهة والتحصين
الجلسة الافتتاحية التي أدار أشغالها الأستاذ عبد الرزاق الإدريسي عضو سكرتارية الجبهة، والتي انطلقت على إيقاع الشعار المغربي الراسخ “فلسطين أمانة.. والتطبيع خيانة/ فلسطين أمانة.. باعوها الخونة”، تميّزت بإلقاء كلمات عدد من قادة التنظيمات والأحزاب الداعمة للجبهة ناهيك عن مسؤوليها.
وفي كلمته الافتتاحية شدّد الدكتور جمال العسري المنسق العام للجبهة، على أننا نعيش اليوم مرحلة لم يعد كافيا فيها أن تكون ضد التطبيع وأن تعلن رفض التطبيع وتقعد جالسا، بل إننا في “مرحلة المواجهة” التي ينبغي أن “نحط فيها جواد الخيانة”، وهي أيضا “مرحلة التحصين” تحصين الشعب بكل فئاته ضد ما يُخطّط له لعلنا ننقذ الوطن.
اليوم نحن جميعا مجتمعون داخل جبهتنا من أجل تحد الدمار وإعلان رفض التطبيع وتشبثنا بقضيتنا الأولى قضية فلسطين، يقول العسري ثم يضيف: نتحدى القرار ونأوي إلى جبل لا يموج يسمى الشعب الأبي، نأبى الاستسلام ونأبى الخنوع ونأبى التطبيع ونأبى الخيانة، ونرفع صوتنا عاليا “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”، فلسطين بقدسها ومقدساتها، بشعبها وشهدائها، بأسراها ولاجئيها، بأرضها وزيتونها… تشهد للجبهة بكل مكوناتها أنها لم تتخل ساعة ولا لحظة عن النضال من أجل فلسطين وقيام الدولة الفلسطينية الحرة الأبية بعاصمتها القدس وعودة كافة اللاجئين وإرجاع الحرية لكافة الأسرى، وتشهد على صمودنا ضد التطبيع حتى إسقاط قرار الذل والعار.
التطبيع.. أخطر من الكلاشنيكوف
في الكلمة الثانية، جددت الدكتورة نبيلة منيب عن الحزب الاشتراكي الموحد رفض حزبها لاتفاقية التطبيع المشؤومة التي تم توقيعها منذ دجنبر 2020، واصفة إياها باتفاقية نفاق وخداع، ومعتبرة أن التطبيع خيانة كبرى لحاضر ومستقبل كل الشعوب العربية والمغاربية، ومذكرة بأن التطبيع قديم في المغرب ابتدأ مع الاستخبارات التي نقلت مواطنين مغاربة يهود ليستوطنوا أرض فلسطين ويحتلوها مع المحتلين وليعتنقوا العقيدة الصهيونية، ثم اتخذ التطبيع لاحقا أبعادا جديدة وطال جل المجالات والقطاعات.
ودعت إلى تطوير المبادرات وتكثيف الأنشطة المناهضة للتطبيع؛ من قبيل تأسيس مرصد لتتبع التطبيع التربوي بالنظر لخطورته على الناشئة، وإطلاق جبهات دعم القضية على المستوى المغاربي والعربي، وهو ما من شأنه إحراج المنتظم المحلي والدولي وتعديل موازين القوى بما يدعم بشكل فعال هذه القضية العادلة.
الأستاذ مصطفى الشافعي عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، أكد في افتتاح كلمته أن القضية الفلسطينية أكبر قضية عادلة عرفها التاريخ البشري، منبها إلى أن هذه القضية والنضال من أجلها هو نضال عام من أجل الديمقراطية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وأشار المتحدث إلى أن المدافعين عن عدالة فلسطين يواجهون اليوم تحديين؛ الأول يتمثل في انتشار رقعة الصمت تجاه القضية الفلسطينية على المستوى الدولي والذي يجسده الجمود الدولي إزاء مختلف الأحداث والخروقات التي تقع في الأراضي المحتلة، وهذا على خلاف الماضي الذي كانت تحظى فيه القضية بالنقاش في كل مناسبة. أما الثاني فهو التطبيع الذي عدّه “أسلوبا أخطر من الكلاشينكوف” ومن القمع والغطرسة الصهيونية لأنه يستهدف تحويل الذاكرة والوجدان الشعبي أساسا ليعتبر الصراع الصهيوني مع المقاومة الفلسطينية شيئا عاديا وخلافا طبيعيا، والأخطر هو الترويج للتطبيع باعتباره في صالح القضية والحقوق الفلسطينية.
لا غنى عن مواجهة التطبيع.. وفضح آثاره المدمرة
ومن جهته الدكتور عبد الواحد متوكل رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، نوه في مطلع كلمته بأهمية التعاون والتنسيق من أجل قضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين المركزية. مشيرا إلى أن ذلك يعتبر غاية في البداهة، ومع ذلك، يوضّح، فقد كانت وإلى عهد قريب فكرة تأسيس إطار جامع يتسع لتيارات مختلفة تبدو صعبة المنال، كانت التناقضات والتوجهات والمشارب والتقديرات تعتّم على ما ينبغي أن يكون من أولويات المرحلة، وعلى رؤية الأخطار التي أصبحت قريبة منا جدا، هذا فضل عن السياسات السلطوية التي لا ترحب بأي مباردة تجمع الناس على مشاريع مشتركة، لكن بفضل الله، ثم بفضل عزائم عدد من الخيّرين من أبناء وبنات هذا الوطن، تحول، يقول عضو مجلس الإرشاد، ما كان مجرد حلم إلى واقع وما كان مجرد رغبة إلى حقيقة، ورأت الجبهة النور وخرجت إلى الوجود.
التطبيع اليوم، يقول متوكل، أصبح سياسة رسمية للدولة، تُوقَّع الاتفاقات علنا وأمام عدسات الكاميرات، وتُنظّم التظاهرات الثقافية وتستدعى لها شخصيات صهيونية بارزة، وتبرمج مشاريع في عدة مجالات بما فيها المجال الأمني والعسكري، بمعنى أصبحنا أمام أخطبوط سرطاني يتمدد في المجتمع المغربي بسرعة رهيبة. والأخطر، يحذر المتحدث، هو الاختراق المجتمعي الذي أصبح يستهدف ترويض المغاربة على قبول الاحتلال الصهيوني لفلسطين أو اعتبار تلك القضية هامشية لا تعنينا، وكذلك قبول القتلة والمفسدين بين ظهرانينا في المغرب أرض المجاهدين والأحرار. من هنا يتأكد أهمية التصدي للتطبيع ونشر الوعي بآثاره المدمرة للبلاد والعباد.
أما الأستاذ جمال براجع الكاتب العام لحزب النهج الديمقراطي فحذّر من جهته من الطابع الخياني لقرار التطبيع الرسمي وكذا خطورة تسريع وتكريس توسيع سياسة التطبيع مع هذا العدو المجرم على كافة المستويات، وما يشكله ذلك من خطر داهم وكبير ليس فقط على القضية الفلسطينية ولكن كذلك على مصالح الشعب المغربي ووحدته ومستقبله وهويته وثقافته. وهو ما يستدعي، يؤكد، تكثيف جميع الجهود وترصيص آليات النضال من أجل موجهته وتفكيكه.
وفي هذا السياق دعا إلى تجميع جهود جميع قوى الشعب المغربي المنحازة إلى القضية الفلسطينية وللمصلحة العليا والحقيقية للشعب في التحرر والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، من أجل خلق القوة الشعبية والضرورية للتفكير وتغيير موازين القوى كشرط لازم لإسقاط هذا التطبيع الخياني وتحرير بلادنا من الصهاينة ومن عملائهم.
بنعمرو وأيت إيدر.. تكريم مستحق وصمود ملهم
وفي جلسة ثانية مفعمة بمشاعر العرفان والتقدير ممزوجة بمعاني استمداد الصمود من النموذج، كرمت الجبهة الشخصيتين الوطنيتين البارزتين النقيب الفذ عبد الرحمن بنعمرو والمناضل الصامد محمد بنسعيد أيت إيدر.
ووسط حضور مكونات الجبهة وقادة التنظيمات والأحزاب السياسية الحاضرة، افتتح التكريم بترديد القاعة لشعار “تحية نضالية لرموز القضية”، في إشارة إلى ما قدمه الرجلان الكريمان من دعم طويل ممتد في الزمن للقضية الفلسطينية وما قاسياه في سبيل الحق الفلسطيني الراسخ.
جلسة التكريم هذه التي سيّرتها الأستاذة خديجة مماد عضو سكرتارية الجبهة، توالت فيها شهادات عدد من الفاعلين من الجبهة وغيرها وكلمة المكرّمين.
وقد تركت الجلسة أثرا طيبا في نفوس الحاضرين جميعا، واستلهم الشباب والمشاركون في المجلس من هاتين القامتين معاني الصمود والنضال والانحياز للحق وألا يعطي الإنسان الدنية من مبادئ العدل مهما كانت التحديات والضغوط والتخاذل.
المجلس الثالث.. ترتيب للبيت الداخلي
بعد ذلك انكب المؤتمرون أعضاء المجلس الوطني على أشغالهم الخاصة بالجبهة، سواء فيما يخص الجوانب التنظيمية أو المالية أو الأدبية، وسط أجواء طبعها الانسجام بين مكونات الجبهة وأعضائها، وميزتها الشفافية والمسؤولية.
وهكذا عرض الأستاذ محمد الوافي عضو السكرتارية الوطنية تقريرا تركيبيا غطى أنشطة الجبهة خلال الولاية السابقة، من خلال عرض وتقييم أعمال اللجان التي ركزت على المحاور المسطّرة سابقا، سواء الجانب التنظيمي أو الإعلامي أو التأطيري أو النضالي أو الثقافي التربوي.
ومن جهتها قدمت الأستاذ خديجة مماد عضو السكرتارية تقريرا ماليا غطى مصاريف الفترة الممتدة من 2/3/2022 إلى 7/5/2023. ليتم بعد النقاش والتداول المصادقة على التقريرين بالإجماع، كما تمت المصادقة على تعديلات تهم الأرضية التأسيسية للجبهة.
وشهدت أشغال الجلسة أيضا الموافقة على التحاق مكونين جديدين بالجبهة هما: الجمعية المغربية للنساء التقدميات، والفضاء المغربي للحقوق والحريات.