مقالات

الرئيس الأمريكي’جو بايدن’.. ذاك الصهيوني العظيم

بقلم المصطفى العلام..باحث في مقارنة الأديان

تقديم:

بعد أن نجحت المسيحية الصهيونية في اختراق الكنيسة البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية ، بدأ التركيز على الكنيسة الكاثوليكية وعلى الفاتيكان بصورة أساسية، وهذا مايؤكده أحد المختصين والمتابعين لموقف الكنيسة الكاثوليكية بالقول : «بعد أن ضمنت الصهيونية قطاع البروتستانت من العالم المسيحي، عمدت إلى القطاع الكاثوليكي فوضعت الخطط لاختراقه، ومن ثم دفع مرجعيته الروحية “الفاتيكان” إلى الاعتراف بإسرائيل، نظراً لما يمثله هذا الاعتراف من قوة معنوية كبيرة لإسرائيل والصهيونية». [1]

وقد امتد هذا الاختراق الصهيوني ليصل إلى قمة قيادة مسيحية كاثوليكية متمثلة في الرئيس الأمريكي الحالي’جو بايدن’.لابد من الإشارة أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” قام بزيارة إلى الكيان الصهيوني المحتل، وبعدها إلى مدينة جدة في بلاد الحرمين الشريفين، وعقد قمة جمعته مع الزعماء العرب في منطقة الشرق الأوسط أيام 13-14-15-16يوليوز 2022. وقد أثارت الزيارة والقمة معا ، بالإضافة إلى الخطوات المتسارعة لتطبيع بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني، وفتح المجال الجوي السعودي للطائرات الإسرائلية، ومع كل هذا تصريح الرئيس الأمريكي ‘جو بايدن’  الذي سبق أن صرح قائلا (ليس عليك أن تكون يهوديا لكي تكون صهيونيا..أنا صهيوني)، مجموعة من التساؤلات المشروعة المرتبطة بقضية الأمة الإسلامية الأولى وهي قضية فلسطين السليبة، نجملها فيما يلي:

كيف لرئيس أمريكي مسيحي كاثوليكي أن يدعي أنه صهيوني؟فهل تقمصت الروح الصهيونية الكنيسة الكاثوليكية بعدما تقمصت الكنيسة البروتستانتية؟ وهل أصبحت الكنيسة المسيحية الكاثوليكية أيضا جزءا من المسيحية الصهيونية ؟ وكيف وقع هذا التحول ؟ ثم كيف تفتح أجواء بلاد الحرمين الشريفين للصهاينة الغاصبين؟ أم أن الروح الصهيونية في طريقها لتقمص قبلة المسلمين بعدما تقمصت بلدانا عربية كانت إلى وقت قريب من أشد المدافعين عن القدس وأرض فلسطين؟  وهل بلغ علو بني إسرائيل وفسادهم في الأرض مداه ليتحقق وعد الآخرة ؟ أم لازال علوهم وفسادهم في الأرض لم يكتملا بعد؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة المطروحة وغيرها نعرض عليكم الورقة التالية.

أولا ـ تعريف بالمفردات الأساسية ذات الصلة:

بداية وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع والبحث عن الأجوبة للأسئلة المطروحة لابد من تحديد تعريف لمفردات أساسية لفهم الموضوع وما يحيط به.

1ـ الصهيونية: وردت كلمة “صهيون” في العهد القديم (154مرة)، منها (47 مرة) في سفر إشعيا و(37 مرة) في سفر المزامير. أما في العهد الجديد فوردت كلمة “صهيون” سبع مرات فقط، وهي في معظمها مقتبسة من العهد القديم.وخلاصة تعريف كلمة”صهيون”في التراث الديني اليهودي يمكن القول أنها جاءت على ثلاث معاني :

الأول :اسم مدينة، الملك الأعظم إله إسرائيل.

الثاني :اسم حصن في مدينة القدس سماه نبي الله داوود ـ عليه السلام ـ حسب التفاسير التوراتية.

الثالث : اسم جبل يقع إلى الشرق من مدينة القدس.

أما اصطلاحا فإن كلمة ‘الصهيونية’ تستخدم «للإشارة إلى اليهود كجماعة دينية. والواقع أن العودة إلى صهيون فكرة محورية في النسق الديني اليهودي، إذ أن أتباع هذه العقيدة يؤمنون بأن الماشيح ّالمخلص سيأتي في آ خر الزمان ليقود شعبه إلى صهيون ويحكم ويسود العدل والرخاء» [2].

أما في المعنى السياسي المعاصر فإن الصهيونية تعني «الفلسفة القومية لليهود والتي أ خذ اليهود تعاليمها من التوراة كتابهم المقدس وتلمودهم حيث تعبر عن سيرتهم التي كتبها حاخاماتهم خلال مسيرة التغرب والشتات»[3].

2ـ الصهيونية المسيحية: الشائع عن هذا المصطلح أنه يشير إلى حركة دينية سياسية معلنة تخدم اليهود والصليب معا، وأنه جهاز تنفيذي للحركة الصهيونية،وأنه ترجمة حرفية لمصطلح انتشر في اللغات الأوربية. لكن ‘الدكتور المسيري’ يعارض هذا المصطلح، وينفي أن تكون الصهيونية مصطلحا يعم كل المسيحيين؛ لأننا بهذا الشكل سنضفي عليه صـبغة عالميـة تربطه بالمسيحيين ككل، وهذا غير صحيح، يقول : “ليس هناك صهيونية مسيحية في الشرق، بل إن أول المعـادين للصهيونية بين عرب فلسطين كانوا من العرب المـسيحيين…كمـا أن( الكنيـستين الكاثوليكيـة والأرثوذكسية(تعارضان الصهيونية على أساس عقائدي ديني مسيحي”. ثم يؤكد الدكتور المسيري بعد ذلك قائلا: « أن مصطلح المسيحية الصهيونية غير علمـي نظـرا لعموميته ومطلقيته، لذلك فهو يفضل تعريف هذه الفئة بـ(الصهيونية ذات الديباجـة المـسيحية) ، ويعرفها بالقول بأنها: “عقيدة عودة المسيح المخلص في آخر الأيام ليحكم العالم ، هو والقديسون لمـدة ألف عام يسود فيها العدل والسلام، ولكن الخلاص لن يتحقق إلا باسترجاع اليهـود لفلـسطين. »  [4]

أما القس إكرام لمعي فيعرفها بالقول أنها: «حركة نشأت في أمريكا الغرض منها تعضيد (دولة إسرائيل ) وقد أ خذت هذه الدولة طابعا دينيا لأنها كانت تدعي أن عودة اليهود إلى فلسطين هو تحقيقا للنبوءات وإعدادا لمجيء المسيح ثانيـة إلـى العالم، وانتشرت في داخل وسائل الإعلام  وبعض الكنائس، وتبنتها هيئات متعددة، منهـا هيئة سفراء المسيح». [5]

كما أن الصهيونية المسيحية لها مفردات أخرى مرادفة من قبيل: المسيحية الأصولية Fundamentalism:ـ التدبيرية ـ الحركة الألفيةmilleniarism ـ المسيحية الإنجيلية ـ …

3ـ الكنيسة البروتستانتية: نسبة إلى مارتن لوتر الذي ظهر في أوائل القرن السادس عشر ميلادي في ألمانيا، وكان ينادي بإصلاح الكنيسة، ومن أهم المبادئ التي نادى بها هي « إلغاء الرهبنة، كما أصبح من حق كل مسيحي أن يقرأ الكتاب المقدس ويفسره دون وساطة، وتنتشر هذه الحركة في ألمانيا وبريطانيا، وكثير من بلاد أوربا، وأمريكا الشمالية»[6]. ويعود تاريخ دخول الكنيسة البروتستانتيَّة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الآباء الحجاج الأوائل الذين دفعتهم معتقداتهم الدينيَّة إلى الانتقال من إنجلترا إلى العالم الجديد.وتضم الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية طوائف متنوعة نذكر منها[7]: ـ الإنجيليةـ اللوترية ــ الميثودية( أو المنهجية)ـ ـ المشيخية أو المشيخانيةPresbyterian church ـ ـ المعمدانية Baptist churchـ الادفنتست ـ ـ المورمون ـ ـ شهود يهوه ـ

4 ـ الكنيسة الكاثوليكية: «وفيها أتباع الكنيسة الغربية أو اللاتينية، وتتبع هذه الطائفة النظام البابوي الذي يرأسه البابا ممثلا  للسيد المسيح أو ‘الله’ في الأرض ـ بزعمهم ـ ، والكاثوليك هم أكثر الأوربيين الغربيين، وأمريكا الجنوبية »  [8]. أما تاريخ الحضور الكاثوليكي  في الولايات المتحدة الأمريكية فيرجع ـ حسب بعض الباحثين ـ  إلى بداية الهجرات والاستكشافات الأوروبية، وقد تزايد أعداد الكاثوليك مع الاستعمار الإسباني للأجزاء الجنوبية من البلاد خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وبعد ذلك مع قدوم المهاجرين  الكاثوليك القادمين من أيرلندا خلال القرن التاسع عشر، إضافة إلى المهاجرين الكاثوليك القادمين من بولندا وإيطاليا أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. كما أن أتباع الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة الأمريكية، يشكلون أغلبية بالمقارنة مع الكنائس المسيحية الأخرى. ويتركز هؤلاء الأتباع في ولايات  الساحل  الشرقي، وفي ولايات “الغرب الأوسط”.

ثانيا:كيف نظر اليهود والمسيحيون إلى بعضهم البعض؟

أـ نظرة اليهود للمسيح عليه السلام وأتباعه: يمكن إجمال نظرة اليهود إلى السيد المسيح عليه السلام وأتباعه من خلال:

ـ اعتباره شخصا ممسوسا من قبل الشيطان.

ـ التشكيك في مولده عليه السلام ،باعتباره مولود من أم دون أب.

 ـ وقد ترتب عن التشكيك في مولده الكفر به وبنبوته، وإنكار معجزاته.
ـ وقد ترتب عن التشكيك في مولده أيضا عن  التآمر على قتله وصلبه.

أما موقف اليهود من أتباع عيسى عليه السلام فيمكننا القول أنه  بعد أن رفع الله عيسى عليه السلام استمر اليهود في الكيد لأتباعه وتعقبهم والتآمر عليهم. ولقد كان اليهود إلى وقت قريب يقولون: «يجب على اليهود السعي الدائم لغش المسيحيين »   [9]، ويقولون: «من يفعل خيراً للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط »   [10].

ب ـ موقف المسيحيين من اليهود :
بداية لابد من التذكير بموقف السيد المسيح عليه السلام من اليهود والذي أشارت إليه مجموعة من النصوص في الأناجيل الأربعة نذكر ببعضها:

ـ وَصَفَ اليهود بأولاد الأفاعي: وقدكان هذا الوصف موجها بالخصوص للفريسيين وهم النخبة المتعلمة من اليهود، كما جاء في إنجيل متى قائلا” يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ”.متى 12/34

ـ وَصَفَ اليهود بالخراف الضالة: فقد أرسل المسيح عليه السلام تلامذته للتبشير وسط الخلاف الضالة من بيت إسرائيل وتجنب التبشير وسط الوثنيين والسامريين كما جاء في إنجيل متى ” هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.” متى 10/5-6

ـ الخلاص المسيحاني لايتم إلا بالتخلص من اليهود : وقد كان موقف يسوع واضحا من اليهود ولخصه بجملة واحدة حينما خاطب المرأة السامرية بالقول «يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ . لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ.” يوحنا 4/21-22.

كما تذكر المصادر التاريخية أنه بعد أن أصبح اليهود شتاتا مشردين في الأرض تسلط عليهم المسيحيون وانتقموا منهم في حوادث كثيرة نذكر منها :

 ـ أن القدس لما سقطت بأيدي الحملة الصليبية قاموا بإحراق اليهود في معابدهم.

ـ  طردهم المتكرر من بلاد أوربا،وتجميع ماتبقى منهم في ‘جيتوهات ‘ منعزلة

ـ  المحرقة التي قام به هتلر لما علم بخطرهم ومكرهم.

ولقد كان النصارى إلى وقت قريب يقولون : «يعتبر اليهود خطراً على جميع شعوب العالم، وخاصة الشعوب المسيحية» [11] . ويقولون أيضا: «يتضمن التلمود كل الكفر والإلحاد والخسة». [12]

ثالثا ـ حركة الإصلاح الديني البروتستانتية وأثرها في تغيير نظرة الكنيسة المسيحية لليهود

كان لحركة الإصلاح الديني “البروتستانتية” أثر كبير في إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين اليهود والمسيحيين، ويتبين ذلك مما يلي:
أولاً: كان المسيحيون قبل عصر الإصلاح الديني يعادون اليهود ويقودون حملات التطهير والإبادة ضدهم.
ثانياً: حافظت الكنيسة الكاثوليكية –إلى عهد قريب- على موقف ثابت من المسألة اليهودية «يقوم على رفض التصالح مع اليهود إلا إذا اعترفوا بالمسيح واعتنقوا المسيحية» . [13]
ثالثاً: لم يكن في الفكر الكاثوليكي التقليدي قبل عهد الإصلاح الديني «أدنى مكان لاحتمال العودة اليهودية إلى فلسطين، وكان القساوسة يرفضون التفسير الحرفي للتوراة ويفضلون تفسيرات لاهوتية أخرى وبخاصة المجازية التي أصبحت الأسلوب الرسمي للتفسير التوراتي». [14]
ومن هنا وعلى ضوء مفاهيم العهد الجديد أخذت كل التنبؤات والوعود المتعلقة باليهودية اتجاهاً تفسيرياً جديداً استبعد أي تدخل بشري أو عمل سياسي يقضي أو يفضي إلى عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لليهود بها”
يضاف إلى ذلك أن العهد القديم كان «حتى أواخر القرن الرابع عشر حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه إلا قلة من رجال الإكليروس الذين يعرفون العبرية واللاتينية»[15]
هذا هو وضع اليهود كشعب وكتاب ووعود ولغة قبل حركات الإصلاح. ثم جاء البروتستانتية “حركة الإصلاح” فشكلت مسار التغيير في كل ما سبق فانقلبت الأمور إلى اتجاه معاكس تماماً لما كانت عليه المسيحية قبل عصور الإصلاح الديني.

ـ استطاعت الحركة الصهيونية المسيحية اختراق الطائفة البروتستانتية التي تعتمد التفسير الحرفي للكتاب المقدس، حيث  أصبحت تدعو إلى الدعم المطلق للكيان الصهيوني في أرض فلسطين من أجل تحقيق النبوءات التوراتية، معتمدة في ذلك على  ما قرره ‘مارتن لوثر’ زعيم حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر ، الذي أكد على أن « إعادة اليهود إلى أرض فلسطين هو تحقيق للنبوءات الواردة في الكتاب المقدس تمهيدا لعودة المسيح إلى الأرض وحكمه لها مدة ألف سنة من القدس أرض الميعاد»[16] .

كما أن الكنيسة البروتستانتية ترى أن المجيء الثاني للمسيح القصد منه هو «تحقيق الخلاص والسلام للعالم، وأن النصارى المخلصين يعيشون معه في فلسطين ألف سنة في رغد من العيش والسلام قبل يوم القيامة»[17]. وربطوا العودة الثانية للمسيح بشرط حتمي وأساسي وهو هجرة اليهود إلى فلسطين «إن المسيح لن يظهر ثانية إلا في مجتمع يهودي وأنه لن يعود إلا في صهيون، ولذلك فإنه تحقيقا للإرادة الإلهية بتسهيل وتسريع العودة الثانية للمسيح لابد من تجميع اليهود ولا بد من إقامة صهيون حتى يظهر بينهم» [18].

وينتظر النصارى البروتستانت عودة المسيح لتحقيق الخلاص المنشود. وأكثر البروتستانت انتظارا أشدهم توغلا في اليهودية ينتظرون عودته الثانية ليقيم في الأرض الملك الألفي الموعود.

 رابعا:كيف وقع التحول في موقف الكنيسة الكاثوليكية من اليهود؟

لكن التحول الكبير الذي وقع في موقف الكنيسة الكاثوليكية من اليهود حصل في 28 أكتوبر 1965م حيث  أذاع البابا’ بولس السادس‘ وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني سماها بيانا يحمل عنوانا “في علاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية” نقتطف منه مايلي:

” إن هذا المجمع المقدس، إذ يتقصى سر الكنيسة يذكر الرباط الذي يربط روحياً شعب العهد الجديد بذرية إبراهيم. وتقر كنيسة المسيح بأن بواكير إيمانها واختبارها توجد لدى الآباء ولدى موسى والأنبياء وفقاً لسر الله الخلاصي. وإنها تعترف بان كل المؤمنين بالمسيح، أبناء إبراهيم حسب الإيمان(الرسالة إلى أهل غلاطية3 : 7)، لا يستثنون من دعوة ذلك الشيخ، وإن خلاص الكنيسة رُمز عنه سرياً ومسبقاً بخروج الشعب المختار من أرض العبودية. لهذا السبب لا تستطيع الكنيسة أن تنسى أنها قبلت وحي العهد القديم بواسطة ذلك الشعب الذي تنازل الله بحنانه الذي لا يوصف أن يقطع معه العهد القديم؛ ولا تنسى أنها تتغذى من أصل الزيتون الطيب الذي طعمت فيه فروع زيتون الأمم ( الرسالة إلى أهل رومية11 : 17-24 ). ولذا تؤمن الكنيسة بأن المسيح، سلامنا، صالح بصليبه اليهود والأمم وجعل الاثنين واحداً في ذاته( الرسالة إلى أهل أفسس2: 14-16). ولا تبرح أبداً من أمام ناظري الكنيسة كلمات بولس الرسول في بني قومه “الذين لهم التبني والمجد والعهود والناموس والعبادة والمواعيد ولهم أيضاً الآباء ومنهم المسيح بحسب الجسد ابن مريم العذراء” (الرسالة إلى أهل رومية 9 : 4-5). وإنها تذكر أيضاً بأن الرسل الذين هم عواميد الكنيسة وأساساتها، ولدوا من الشعب اليهودي وكذلك كثير من أولئك التلاميذ الأولين الذين بشروا العالم بإنجيل المسيح. ويشهد الكتاب المقدس بأن أورشليم جهلت زمان افتقادها ( إنجيل لوقا 19: 44) وإن اليهود بمعظمهم لم يقبلوا الإنجيل، لا بل كثيرون هم الذين قاوموا انتشاره ( الرسالة إلى أهل رومية11 : 28 ).غير أن اليهود، كما يقول الرسول، لا يزالون بسبب الآباء  أعزاء لدى الله( الرسالة إلى أهل رومية11 : 28– 29 )، لأن مواهب الله ودعوته هي بلا ندامة. الله وحده، والذي فيه تدعو الرب جميع الشعوب بصوت واحد “ويخدمون تحت نير واحد” (صفنيا 3 : 9) . وبما أن للمسيحيين ولليهود تراثاً روحياً مشتركاً وسامياً، يريد هذا المجمع المقدس أن يوصي بالمعرفة والاعتبار المتبادلين وأن يعززهما بين الاثنين؛ ويحصل ذلك خصوصاً بالدروس الكتابية واللاهوتية وبالحوار الأخوي. وأن تكن سلطات اليهود وأتباعها هي التي حرضت على قتل المسيح (إنجيل يوحنا 19: 6)، لا يمكن مع ذلك أن يُعزى ما أقترف أثناء آلامه، إلى كل اليهود الذين كانوا يعيشون آنذاك دونما تمييز ولا إلى يهود اليوم. وإن تكن الكنيسة شعب الله الجديد، يجب مع ذلك ألا ينظر إلى اليهود كمن رذلهم الله ولعنهم، كما لو كان ذلك ناتجاً من الكتب المقدسة. فليحرص الجميع إذاً في التعليم المسيحي وفي الوعظ بكلام الله على ألا يعلموا شيئاً لا يتلاءم مع الحقيقة الإنجيلية ومع روح المسيح. علاوة على ذلك، أن الكنيسة التي تشجب الاضطهادات كلها ضد الناس أياً كانوا، تتأسف للبغضاء وللاضطهادات ولكل مظاهر مقاومة السامية التي استهدفت اليهود في أي زمن كان وأيا كان مقترفوها. والكنيسة لا تدفعها في ذلك الدوافع السياسية بل محبة الإنجيل الدينية متذكرة التراث المشترك مع اليهود. أضف إلى ذلك أن المسيح بمحبته الفائقة قدم ذاته طوعاُ إلى الآلام والموت بسبب خطايا جميع الناس لكي يحصلوا جميعهم على الخلاص، هذا ما تمسكت به الكنيسة ولا تزال. ويعود للكنيسة الكارزة أن تبشر بصليب المسيح علامة لحب الله الشامل وينبوعاً لكل نعمة.”

وأهم مادعت إليه هذه الوثيقة الصادرة عن المجمع الفاتيكاني المقدس في علاقة الكنيسة الكاثوليكية باليهود والتحولات الكبرى التي طرأت عليها نلخصها فيما يلي:

1ـ خلاص الكنيسة يرمز له سرياً ومسبقاً بخروج الشعب المختار من أرض العبودية.واليهود بهذا الرمز لم يعودوا بعد الآن الخطر الداهم على المجتمعات المسيحية بل شعب الله المختار الذي يحقق خلاص الكنيسة بخروجه من أرض العبودية.

2ـ والسيد المسيح صَالَحَ بصليبه اليهود والأمم وجعل الاثنين واحداً في ذاته، وهم الذين لهم التبني والمجد والعهود والناموس والعبادة والمواعيد ولهم أيضاً الآباء وهو منهم بحسب الجسد ، وأيضا الرسل الذين هم عواميد الكنيسة وأساساتها، وكذلك كثير من أولئك التلاميذ الأولين الذين بشروا العالم بإنجيل المسيح.

3ـ اليهود، كما يقول الرسول’بولس’، لا يزالون بسبب الآباء  أعزاء لدى الله.

4ـ  للمسيحيين ولليهود تراثاً روحياً مشتركاً وسامياً.

5ـ رغم أن سلطات اليهود وأتباعها هي التي حرضت على قتل المسيح، إلا أنه لا يمكن مع ذلك أن يُعزى ما اقْتُرِفَ أثناء آلامه، إلى كل اليهود الذين كانوا يعيشون آنذاك دونما تمييز ولا إلى يهود اليوم.

6ـ ورغم أن الكنيسة هي شعب الله الجديد، ومع ذلك يجب ألا ينظر إلى اليهود كمن رذلهم الله ولعنهم، كما لو كان ذلك ناتجاً من الكتب المقدسة، لأن ذلك لا يتلاءم مع الحقيقة الإنجيلية ومع روح المسيح كما هو مبين في التعليم المسيحي وفي الوعظ بكلام الله.

7ـ وكذلك الكنيسة تشجب الاضطهادات، وتتأسف للبغضاء ولكل مظاهر مقاومة السامية التي استهدفت اليهود في أي زمن كان وأيا كان مقترفوها.وهي بذلك لا تدفعها في ذلك الدوافع السياسية بل محبة الإنجيل الدينية و التراث المشترك مع اليهود، وأن المسيح بمحبته الفائقة قدم ذاته طوعا إلى الآلام والموت بسبب خطايا جميع الناس لكي يحصلوا جميعهم على الخلاص، ومنهم اليهود طبعا.

خامسا ـ خطوات أخرى في طريق التحول المقدس للكنيسة الكاثوليكية نحو اليهود.

بعد الوثيقة الصادرة عن المجمع الفاتيكاني المقدس كانت هناك خطوات أخرى كرست جميعها التغيير الجدري في موقف الكنيسة الكاثوليكية من اليهود، ونذكر بعضها كما يلي:

1ـ ألغى البابا “يوحنا الثالث والعشرون” من الصلاة الكاثوليكية مقطعًا يتحدَّث عن اليهود الملعونين، كما ألغى من النصوصِ الدينية جُرْمَ قَتْل الرب وكل كان بناء على الوثيقة نفسها.

2ـ في عام 1969م صدر إعلان “الاعتراف الديني” بدولة إسرائيل وأحقيتها في الوجود بناء على الوثيقة نفسها.

3ــ ألغى البابا “يوحنا بولس الثاني” عمليًّا التعديلات التي سبق أن أُدخِلت على الوثيقة الأصلية إثر اعتراضات الكنائس المسيحية في البلدان العربية ، وأصدر في 24/6/1985م وثيقة ‘لجنة الفاتيكان للعَلاقات الدينية’ التي أشارت بوضوح إلى تبرئة سائر أجيال اليهود من دمِ المسيح بناء على الوثيقة نفسها.

4 ـ أيضا ثم إصدارَ تعليمات لسائر الكنائس الكاثوليكية؛ لتعديل ما ينبغي تعديلُه من نصوص الصلوات والمناهج المدرسية وغيرها، وفقًا للنصوص البابوية ، وخاصة التي “تتحامل على اليهود”.

5ـ وفي 13/4/1986م قام البابا “يوحنا بولس الثاني” بزيارة كنيس يهودي في روما، وذلك لأول مرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية؛ حيث قدم خطابا ذكر فيه اليهود بالقول:” الأحبَّاء الأعزَّاء والإخوة الكبار”.

6ـ في عام 2000م قدم الفاتيكان اعتذاراً رسمياً عن الاضطهاد النازي في حق اليهود، وموقف الكنيسة الكاثوليكية المتواطئ النازية. وقد ظلت وثيقة الاعتذار ثلاث سنوات طي الأدراج إلى أن وقع عليها ستون خبيراً دينياً في اللاهوت الكاثوليكي.
ويرى بعض الباحثين أن قرارات المجمع الفاتيكاني المقدس وما تبعه من خطوات للتقارب بين الكنيسة واليهود كانت ذات طبيعة سياسية وليست دينية، يقول د.أحمد شلبي« وهكذا باشرت الكنيسة سلطاتها التشريعية، ولا تزال تباشرها، ومن القرارات الهامة التي اتخذتها تبرئة اليهود من دم المسيح، وهو قرار لعبت السياسة دورا لاتخاذه، ويرى كثير من الباحثين أن عددا من الكرادلة الذين اشتركوا في تأييد هذا القرار ينحدرون من أصل يهودي، وأنهم اعتنقوا المسيحية لغرض خدمة اليهودية»[19].
كما أن الجماعاتُ الصهيونية سَعَت إلى استثمار توصيات الوثيقة الصادرة عن المجمع الفاتيكاني المقدس سنة 1965م، لتحقيق مزيد من الاختراق للكنيسة الكاثوليكية، لكِنَّ عدوان يونيو 1967م واحتلال مدينة القدس ووقوعها تحت سيطرة جيش الاحتلال الصهيوني أوجد متغيَّرًا جديدًا أمام الفاتيكان، دفعه إلى التركيز على تدويل قضية القدس، ومحاولة الحفاظ على إرثها المسيحي. وبعد ذلك سيقع الاختراق الكبير للكاثوليك بإعلان الرئيس الأمريكي “جو بايدن” أنه تقمص الروح الصهيونية وهو غير يهودي بل مسيحي ينتسب إلى الكنيسة الكاثوليكية

سادسا ـ ‘جو بايدن’ الولاء لأمريكا أم للكنيسة الكاثوليكية  ؟

من المعلوم أن الولايات المتحدة لا تتبنى ديانة رسمية، وهي ـ كما تزعم ـ تقف على الحياد اتجاه الأديان كلها. كما أن الدستور الأميركي يحظر أي متطلبات دينية في أي من الوظائف الحكومية بما فيها منصب الرئيس.وعلى الرغم من ذلك فإن بعض الإحصاءات تشير إلى أن  أربعة وأربعين رئيسا أميركيا كان ينتمي لطائفة البروتستانت، واثنين فقط انتميا لطائفة الكاثوليك[20]   وهما: الرئيسان (جون كيندي تولّى منصب الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة من 20 يناير 1961 حتى اغتياله في 22 نوفمبر 1963م)، و( جو بايدن وهو  الرئيس السادس والأربعون  للولايات المتحدة الأمريكية مُنذ 20 يناير 2021م  إلى الآن). أما علاقة رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية المنتمين إلى الطائفة الكاثوليكية بالمسيحية الصهيونية، فيمكن رصدها كما يلي:

 جون كنيدي (29 مايو 1917م – 22 نوفمبر 1963م) : بخصوص علاقته بالمسيحية الصهيونية، نجد  تصريحاته التي يقول فيها «إن أمريكا التزمت التزامات صريحة بحماية إسرائيل ومن مصلحتنا نحن الأمريكيين تنفيذ ما التزمنا به». [21]. وهو التزام صريح بحماية إسرائيل لأن فيه مصلحة للأمريكيين كما يزعم. وبعد ذلك فإنه أكد على اعترافه بإسرائيل، وأنه سيواصل السير في هذا الطريق ، وقال أمام المنظمة الصهيونية الأمريكية بعد أن تكلم عن قيام ‘دولة’ إسرائيل وأنها لم تولد لتختفي: «كان ترومان أول من اعترف بإسرائيل وسأواصل أنا السير في هذا الطريق»  [22].

ـ ‘جو بايدن’ (ولد في 20 نوفمبر1942م): فقد تحدث في عدة مناسبات بفخر واعتزاز عن والديه اللذين “غرسا فيه القيم الكاثوليكية”. أما في الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي ‘جو بايدن’ أيام 13-14-15-16يوليوز 2022، فقد ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي  السابق ‘يائير لابيد’ الصحافيين بمقولة شهيرة ‘لجو بايدن’ حينما كان نائبا للرئيس الأمريكى الأسبق ‘باراك أوباما’ تقول: إذا كنت يهوديا فسأكون صهيونيا، والدي أشار إلى أنه لا يشترط بى أن أكون يهوديا لأصبح صهيونيا وهذا أنا.. إسرائيل تعتبر ضرورية لأمن اليهود حول العالم».. والرئيس الأمريكي ‘جو بايدن’ بهذه المقولة يعلن أمام الملأ أنه صهيوني يفتخر بصهيونيته وإن لم يكن من اليهود. وهو بذلك يؤكد أن الروح الصهيونية بعد أن حلت في  الكنيستين البروتستانتية والإنجيلية تقمصت أيضا الكنيسة الكاثوليكية وحلت في رئيس الدولة العظمى في العالم ونعني بها الولايات المتحدة الأمريكية.

خاتمة:

ما من شك أن الحركة الصهيونية استطاعت كسب مساحات واسعة في علاقتها مع الكنائس المسيحية عموما ومع الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية وقيادات سياسية أوربية على وجه الخصوص. كما أن هذه المساعي لاختراق الكنيسة المسيحية الكاثوليكية تم التخطيط لها وراء أبواب مغلقة منذ سنوات خلت وبدعم مباشر من لوبيات تحالفت مع الحركة الصهيونية لتنفيذ مخططاتها على أعلى المستويات.

بعد الكنيسة البروتستانتي والكاثوليكية انتقلت الحركة الصهيونية واللوبيات المؤيدة لها لاختراق الصف العربي والإسلامي وتحقيق التطبيع المنشود عن طريق اتفاقيات الخزي والعار المسماة اتفاقيات “أبرام” وهذا ما سنتناوله بتفصيل في الورقة القادمة بحول الله.

الهوامش:

[1] مجلة المجتمع الكويتية عدد 1311.

 [2] انظر كتاب الاختراق الصهيوني للمسيحية للقس أكرم لمعي،دار الشروق،الطبعة الأولى 1991م القاهرة وبيروت، ص: 3.

[3] ـ الصهيونية بإيجاز – محمد باخريبة الطبعة الأولى 2001م ، ص:14 .

 [4] ـ موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ، الدكتور عبد الوهاب المسيري، ج6، ص: 137

[5] ـ الاختراق الصهيوني للمسيحية، القس إكرام لمعي، ص:16.

[6] ـ انظر: د.سعدون محمود الساموك: موسوعة الأديان والمعتقدات  القديمة،  دار المناهج ـ عمان ـ الأردن الطبعة الأولى 1422هـ ـ 2002م الجزء الأول، ص:294.

[7] – لتعريف هذه الطوائف المسيحية المنتمية للكنيسة البروتستانتية يرجى الرجوع إلى مقالتي تحت عنوان “الكنائس المسيحية بالولايات المتحدة الأمريكية منشورة بموقع منار الإسلام.

[8] ـ انظر: د.سعود بن عبد العزي الخلف: دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، أضواء السلف، الرياض، الطبعة الأولى 1418هـ 1997م ، ص:276. وأنظر أيضا: د.سعدون محمود الساموك: موسوعة الأديان والمعتقدات  القديمة، الجزء الأول ص:292(مصدر سابق).

[9] ـ محمد السماك: الأصولية الإنجيلية أوالصهيونية المسيحية والموقف الأمريكي: مركز دراسات العالم الإسلامي، الطبعة الثانية 1993م. ص:7.

[10] المرجع نفسه ص:7.

[11] المرجع نفسه ص: 10.

[12] المرجع نفسه ص: 10

[13] النبوءة والسياسة: الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية/ غريس هالسل ترجمة/ محمد السماك جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ط الأولى ليبيا 1990. ص: 6
[14]  الصهيونية غير اليهودية/ ريجينا الشريف ترجمة أحمد عبد العزيز / عالم المعرفة . الكويت عدد (96) ص: 26 بتصرف.
[15] الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام: عبدالله التل، المكتب الإسلامي، بيروت، ص: 56 .

 [16]  د محمد إسماعيل المقدم: خدعة هرمجدون، دار بلنسية، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2003م، ص: 8.

[17]  رشاد يوسف: المسيحان يلوحان في الأفق ـ مسيح الضلالة ومسيح الهدى في اليهودية والمسيحية والإسلام ـ دار الكتاب العربي ـ دمشق ـ القاهرة، الطبعة الأولى 2011م ، ص:308

 [18]  غريس هالسل: النبوءة والسياسة، ترجمة محمد السماك، دار النفائس، بيروت لبنان،الطبعة السابعة 1428هـ ـ 2008م. ص:9

[19] مقارنة الأديان ـ المسيحية ـ د.أحمد شلبي ، مكتبة النهضة المصرية، ط4،  ص: 201

[20]  ـ  الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية في ظل القيادة الروحية  للبابا  في روما  واتحاد المطارنة الكاثوليك في الولايات المتحدة، وتتبع الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية 197 أبرشية. وهي ثاني أكبر الطوائف المسيحية في البلاد، مع أكثر من 77 مليون كاثوليكي، وهي واحدة من أكبر الطوائف الدينية، والتي تضم 23. % من السكان عام 2016 حسب مؤسسة غالوب

[21] أمريكا والصهيونية: زكرياء هاشم، دار الوثبة 1979، ص: 109

. [22] المرحع نفسه، ص:108.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium Essai iptv gratuit Test IPTV 48h Premium Abonnement IPTV Premium Smart IPTV iptv gratuit Test iptv 7 jours Abonnement iptv iptv premium