مشاركة رئيس الهيئة المغربية في ندوة أوجه التطبيع وآليات المواجهة
نظمت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع بمدينة مكناس، ندوة علمية تحت شعار “أوجه التطبيع وآليات المواجهة”، وذلك بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل؛ هذا اللقاء الذي تم عقده يوم الجمعة 09 يوليو 2021 مساء على الساعة h0018 بمشاركة كل من الأستاذ عبد الصمد فتحي رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، والأستاذ سيون أسيدون منسق BDS المغرب، والأستاذ الطيب مضماض منسق الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع.
افتتح الأستاذ حسن الجعفري هذه الندوة مذكرا الحضور بالسياق الذي تأتي فيه هذه الفعالية، مشيرا إلى عدد من النقط التي تراها الهيئات المغربية منافية لخدمة القضية الفلسطينية وتصبّ نحو المضي قدما لمزيد من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي عبر عن رفضه المطلق والتام له ولكل تجلياته، بالنظر إلى ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جمة لعل من بينها تسهيل التغلغل الصهيوني في المجتمع المغربي والمس بقيم هذا الأخير.
وبعد هذا التقديم مرّر السيد المسير الكلمة للأستاذ فتحي عبد الصمد الذي تطرق في مداخلته لسياق التطبيع ومخاطره على المجتمع المغربي، منطلقا في كلمته هذه من لازمة هامة وجب التأكيد عليها هي أن البشرية لئن كانت تعاني اليوم من وباء كورونا –كوفيد 19- فإن الصهيونية لا تقل عنه فتكا وخطورة، مما يوجب التدخل الفوري لمعالجته ومواجهته بكل ما هو متاح ومشروع؛ ذلك أن فلسفة التطبيع تتغيّى أو تهدف لجعل التعامل مع الكيان الصهيوني مسألة مندرجة ضمن خانة “العادي والممكن”، ولذلك كان لزاما التذكير بسياق هذا التطبيع وتاريخ الصراع والقضية الفلسطينية، ليس كما يريد أن يسوق البعض من أن الصراع هو فقط بين فلسطينيين وصهاينة محتلين وإنما الأمر هو بين الأمة ككل وبين هذا الكيان الغاصب الذي لم يترك جريمة شنعاء إلا واقترفها ولم يدع جناية متفقا على قبحها إلا وسعى في أن يرتكبها في حق الشعب والأرض الفلسطينيين. فإذا ما استحضرنا عدد المجازر المقترفة في حق الشعب الفلسطيني وعدد المهجرين من ديارهم وعدد المشردين في الأرض وعدد اللاجئين وعدد الأسرى والمعذبين والمضطهدين وهلمّ شرا لا جرا؛ فإن المنصف مهما يكن بعيدا جغرافيا وقوميا لا يسعه إلا أن ينخرط في الجهود المبذولة لمواجهة هذا الكيان الصهيوني بالشكل الذي يعبر على الرفض القاطع لكل تمظهرات التطبيع المشؤوم.
في هذا السياق أكد الأستاذ عبد الصمد على أن الكيان الصهيوني كيان مجرم إرهابي ذو مخطط توسعي وأيديولوجيا تتأسس على الكراهية المطلقة لكل ما هو عربي أو إسلامي، بالتالي فصراعه ليس محصورا على الشعب الفلسطيني فحسب، بل يهدد كذلك الأمن القومي العربي وتتعدى مخططاته التهديدية الأمة الإسلامية لتمس بالإنسانية جمعاء.
في المداخلة الثانية قدمها الأستاذ سيون أسيدون منسق BDS المغرب الممثل لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، التي تم تأسيسها بناء على نداء أزيد من 170 منظمة وهيئة لإخضاع الكيان الصهيوني للقانون الدولي، وإنهاء الاحتلال الصهيوني وتفكيك الجدار العازل، والاعتراف بالحقوق الأساسية لحقوق الفلسطينيين، وضمان حق العودة للديار الفلسطينية؛ وقد تناول الأستاذ أسيدون في مداخلته موضوع أشكال ومجالات التطبيع، حيث صدّر مداخلته بإشارة هامة مفادها أن اليوم الذي تم فيه التوقيع على الاتفاقيات التطبيعية مع الكيان الصهيوني هو نفسه اليوم الذي أصدر أحدهم مقالا يشير فيه إلى بلدين عربيين كانا يقومان بتطبيع العلاقات مع الصهاينة بشكل سري لأزيد من 60 عاما، ليشير بعد ذلك إلى أن الأجهزة المخابراتية الصهيونية عملت منذ ستينيات القرن الماضي على التقرب من المغرب مستغلة في هذا الصدد الصراع بين المؤسسة الملكية آنذاك والمعارضة، لتعمل على إثر ذلك على ضمان التواجد الصهيوني في المغرب من خلال العمل على تهجير الطوائف اليهودية المغربية للكيان الصهيوني خدمة للمصالح المتقاطعة والمتداخلة مع تلك التي يجري خلف تحقيقها، علما أن هذه العملية تمت بمقابل مادي هام الذي يتمثل في 50 دولار للفرد وهو المبلغ الذي يعتبر ضخما بالنسبة لتلك الفترة.
يضيف الأستاذ أسيدون أن المحطات الهامة التي طبعت تاريخ المغرب السياسي لاسيما في فترة الستينات والسبعينات عرفت تطبيعا كبيرا وسريا مع الكيان الصهيوني وعلى مستوى ميادين ومجالات مختلفة، لعل أبرز مثال على ذلك ما حدث من تجسس وتصنت على المؤتمر العربي المنعقد بالدار البيضاء سنة 1966، ما نتج عنه حصول الكيان الصهيوني على كافة المعلومات التي مكّنتهم من تحقيق هزيمة 67. التطبيع مع الصهاينة لم يقف عند المستوى المخابراتي يقول الأستاذ أسيدون وإنما تجاوزه للمستوى العسكري، إذ أن معظم الصفقات العسكرية التي تمت كان موضوعها منتوجات عسكرية من صنع صهيوني، ومن الأمثلة التي ضربها الأستاذ أسيدون في هذا الباب، الصفقة التي تم بموجبها اقتناء 3 طائرات بدون طيار، حيث بلغ القدر المالي لهذه الصفقة مجموع ما تم صرفه خلال 20 سنة على مؤسسة بيت مال القدس. كما أكد ذ. أسيدون على أن المجال السياسي كان دائما ميدانا للتطبيع، فالذي يعود إلى كواليس الإعداد لاتفاقية كامب ديفيد يجد أن المغرب لعب فيها دورا هاما. ليصل في النهاية للقول بأن التطبيع مع الكيان الصهيوني شمل كافة المجالات دون استثناء، إلا أن تجلياته كانت متغيرة بين تطبيع علني ظاهر وآخر سري مُضمر.
أما بالنسبة للمداخلة الثالثة التي تقدم بها الأستاذ الطيب مضماض فقد تمحورت حول آليات المواجهة والتي بناها على ثلاث مداخل، الأول عنونه بسلاح المقاطعة المبني على الرصد أساسا والفضح واتخاذ المواقف اتجاه من يتعامل مع الكيان الصهيوني على رأس هذه المواقف هي مقاطعة المنتوجات والشركات الصهيونية، والثاني وسمه بسلاح التكوين والتثقيف باعتبار التطبيع في كافة المجالات يظل محصورا على الفئات التي قامت به ضمن الدوائر الرسمية، فإن التطبيع الثقافي يشكل أخطر أشكال التطبيع، ولذلك وجب التعامل مع الوعي المغربي بالشكل الذي يكرّس ويرسّخ الفض التام للتطبيع والنفور الكلي من أي تعامل أو قبول بالكيان الصهيوني؛ المدخل الثالث يتحدد أساسا من خلال العمل على دحض مجموعة من الأساطير والمغالطات التي تم بثّها في مختلف الوسائط لبناء نوع من المحاباة والقبول بشرعية مزعومة للكيان الصهيوني الإرهابي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المداخلات أثارت تفاعلا مهما من قبل الحضور، حيث استمرت الندوة ما يقارب ساعتين ونصف وكانت غنية بالأفكار والنقاش والتداول حول تيمة التطبيع وسبل مواجهتها.