القضية الفلسطينية بين الابتلاء والنصر الموعود.. موضوع ندوة دوليةً
نظمت جماعة العدل والإحسان بمدينة الجديدة، بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، ندوة دولية تحت عنوان: القضية الفلسطينية بين الابتلاء والنصر الموعود، وشارك فيها كل من الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني سابقاً، والبروفسور عبد الفتاح العويسي أستاذ العلاقات الدولية، وعلي بركة عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس، وجميل عليان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، وعبد الصمد فتحي رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة.
الندوة التي سيّرها الأستاذ محمد العربي النجار، وبثت بالمباشر ليلة يوم السبت 02 يناير على الساعة الثامنة والنصف بتوقيت المغرب على الصفحة الرسمية للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، شهدت متابعة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
الأستاذ علي بركة عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس، بعد الترحم على الإمام ياسين وذكر مناقبه في نصرة فلسطين والقدس، قال إن القضية الفلسطينية ستبقى قضية الشعب المغربي، رغم تخاذل المتخاذلين، وتآمر المتآمرين، لأن فلسطين آية في كتاب الله، وجزء من عقيدة المسلمين، لقوله سبحانه: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، والتنازل عن الأقصى تنازل عن كتاب الله، والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب هو تنازل عن الأقصى.
وأكد بركة أن التوقيع المغربي خيانة للقضية الفلسطينية، وتخلي عن قضية القدس والشعب الفلسطيني البطل الصامد في أرضه ومقدساته.
وبدوره أعرب البروفسور عبد الفتاح العويسي أستاذ العلاقات الدولية ومؤسس المشروع المعرفي لبيت المقدس عن ثنائه الكبير لتعلق الإمام ياسين بفلسطين، وكذا أعضاء جماعة العدل والإحسان الذين عرفهم والتقاهم. وركّز في مداخلته على قول الإمام رحمه الله بأن تحرير الأرض المقدسة رهين بتحرير الأقطار العربية من الفساد والاستبداد، والأذناب الذين يحكمون سائر أرض المسلمين ويمثلون الاستعمار الصهيوني والغزو الصليبي.
واعتبر المتحدث أن هذا الفهم العميق للإمام ياسين له ما يدعمه عندما كانت الأرض المقدسة محتلة زمن الفرنجة، حيث ركز الناصر صلاح الدين الأيوبي على تصفية وتنظيف الجبهة الداخلية في البلاد الإسلامية وتثبيتها مدة ستة عشر عاماً، حيث قضى منها مدة خمس سنوات في مصر وإحدى عشر سنة في الشام، أي ثلاث أرباع الوقت لتحرير الأقصى كان في تحرير مصر والشام، أما الفرنجة فكان قتالهم لمدة خمس سنوات ونصف.
وفي زماننا، وعلى ضوء وثائق الأرشيف البريطاني، فالمخطط الصليبي الاستعماري الاستراتجي في المنطقة يركز على شقين: هو الدول العازلة للكيان الصهيوني، وأما الشق الثاني الذي نغفل عنه، وانتبه عليه الإمام عبد السلام ياسين، هو الأنظمة الاستبدادية والاستعباد والفساد.
أما الدكتور جميل عليان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ومسؤول ملف الأسرى في الحركة فقد أكد أن القضية الفلسطينية شكّلت على مدار أكثر من قرن من الزمان المحدد الرئيسي للعلاقة بين المستعمر الأمريكي والغربي والصهيوني، وبين المشرق العربي والإسلامي. وما زالت معادلة التدافع والصراع بين الفريقين محتدمة، طالما هذا السرطان الصهيوني يسيطر على فلسطين، ولن تغيّر هذه المعادلة كل مساحيق التجميل، التي يحاول الغرب المجرم وبعض الحكام، بل وحتى بعض الفلسطينيين، لوضعها على وجه هذا الكيان المجرم.
وأردف المتحدث بالقول إن فلسطين كانت ولا زالت ضحية مؤامرة كبرى، فالصراع ليس على قطعة تراب، وإن كان ذلك موجوداً، لكنه صراع على تاريخ وحضارة، صراع على وحدة المنطقة بين جناحيها الآسيوي والإفريقي، وصراع على السيادة في العالم، فمن يملك فلسطين يملك العالم.
الأستاذ عبد الصمد فتحي عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للعدل والإحسان ورئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، قال إن الإمام عاش القضية الفلسطينية وسكنت قلبه ووجدانه، لأنها آية من كتاب الله، ولأنها معجزة ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإمام سماها بالجرح الفلسطيني، وهي حسب المتحدث جرح غائر في قلب الأمة، تسببت فيه اليد الصهيونية، وحلفاؤها من قوى الاستكبار العالمي. جرح ينزف أطفالاً ونساءً، وجرح أسرى وجرحى، وجرح معنوي ونفسي أكبر وأنكى.
فتحي سرد هزائم ونكبات 48 و56 و67، معتبراً أن نكبة اليوم أفضع وأفجع، نكبة تساقط الأنظمة على يد الكيان الصهيوني، دون أن توجه لها رصاصة أو صواريخ، نكبة تتعدى الاستسلام والاعتراف ووضع السلاح، بل بفتح الأبواب مشرعة لهذا الكيان، ليدخل أوطاننا ويعيث فيها فساداً.
وتوقّف الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني سابقاً، وإمام مسجد عمر بن الخطاب عند ما سماه بزمن الوجع والألم، الذي نعيشه، مع ما تعانيه الأمة من حالة غير طبيعية من تكالب الأعداء، وخيانة الأمراء والزعماء، وذلالة بعض العلماء مع الأسف، نستشعر فيه الخسارة الكبيرة التي ألمّت بالأمة، بفقدان عالم من علمائها، المرحوم الشيخ عبد السلام ياسين. لكن غياب القادة الزعماء لا يطوى برحيلهم، بل حضورهم ماثل وشاخص بين يدي جيل لم يجلس بين يدي الشيخ ياسين، ولكن قرأ وسمع ما كتب.
وأضاف أحد أبرز وجوه العمل السياسي والمجتمعي والدعوي داخل الخط الأخضر أنه يراد لنا من خلال هذه الهجمة المسعورة التي تتعرض لها الأمة أن نقبع جميعاً في خانة اليأس والإحباط والتشاؤم، وخاصة في ظل موجة هذا التطبيع، بل التتبيع، بل الهرولة بل الانكباب لتقبيل أيادي قادة المؤسسة الإسرائيلية.
ما يجري في هذه الأيام، يضيف القائد الفلسطيني، يجب أن لا يجعلنا نستشعر أبداً شيئا من اليأس، بقدر ما أننا يجب أن نستشعر العودة إلى الطرق والمناهج التي اختارها القادة العظماء من أجل حسم قضية هذا الصراع الذي تكرر أكثر من مرة، خاصة يوم الاحتلال الصليبي لفلسطين والقدس، وثانيا الآن في ظل الاحتلال الصهيوني.