كلمة الأستاذ أبو الشتاء مساعف في المهرجان الرافض لخطة الضم
مشاركة الأستاذ أبو الشتاء مساعف: عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان وعضو المرصد المغربي لمناهضة التطبيع في المهرجان الوطني” موحدون ضد مخطط الضم الصهيوني” الذي نظمته مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، المنظم مساء يوم السبت 4 يوليوز 2020 بمشاركة العديد من الشخصيات المهتمة .
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه
كلمة بمناسبة المهرجان حول قضية ضم الضفة
إخواني الأفاضل أخواتي الفضليات السلام عليكم ورحمة الله
باسم جماعة العدل والإحسان، نتوجه بالشكر الجزيل لأخواتنا وإخواننا في الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة والمساهمة في المهرجان الوطني لبلورة موقف وطني مشترك حول المستجد الخطير الأخير المتمثل في إطار صفقة القرن، نية ضم أجزاء من أراضي الضفة وغور الأردن إلى حظيرة الكيان الصهيوني وتحت إدارته.
تحية طيبة لكل القوى الوطنية المغربية المشاركة في هذا المهرجان المغربي التضامني مع القضية الفلسطينية، والذي يعبر عن استمرار الصف الوطني المغربي وجاهزية قواه الحية بمختلف مشاربها في التفاعل مع قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية المركزية وهي قضية فلسطين، وهي رسالة قوية معبرة من دلالتها أن المغاربة ورغم ظروف وباء كورونا يستحضرون قضية فلسطين في وجدانهم الجمعي وفي برامجهم ومشاريعهم التغييرية، وطبعا لولا ظروف الجائحة لكانت الرباط بشوارعها تهتف اليوم في مسيرة مليونية ” لا لخطة الضم” وهذا ليس بغريب عن الشعب المغربي الأبي الذي ظل وسيظل وفيا لهذه القضية التي يراد لها التصفية النهائية من خلال مشروع صفقة القرن، وما خطة الضم إلا جزئية ضمن المشروع الصهيوني التخريبي الذي يستهدف الأمة. ولازال الشعب الفلسطيني إلى اليوم يذوق الويلات يوميا مقابل فرجة وشبه تطبيع مع هذا الوضع.
تحية للشعب الفلسطيني ولكافة فصائله وقواه الباسلة التي انتفضت صفا واحدا لمقاومة ومناهضة خطة الضم المشؤومة التي تهدف إلى شرعنة سرقة الأراضي الفلسطينية بدعم ورعاية سخية للإدارة الأمريكية بزعامة ترامب الذي يعيش ارتباكا واضحا خلال هذه الأيام بعد الهزات التي عرفتها الولايات المتحدة الأمريكية إثر الأزمات الداخلية التي تعيشها، ولذلك يحاول ترامب أن يخدم أجنداته الانتخابية باسترضاء اللوبي الصهيوني داخل أمريكا بتقديم هذه الخدمات المشبوهة.
إن قراءة تنزيل هذه الخطة، ينبغي أن يتم في السياق الكبير للصراع مع المشروع الصهيوني الذي يسعى جاهدا قبل “كورونا” وبعد “كورونا” إلى ضرب أطراف الأمة وشعوبها، وتقسيم المقسم، وإضعاف الحركات والمؤسسات الفاعلة في الأمة، وطمس هوية الأمة وتصعيد التطبيع والاختراق، كل ذلك تقويضا لعناصر التشويش في الأمة تمهيدا لتنزيل صفقة القرن دون عقبات، علما منهم أن فلسطين لن يستكمل تهويدها دون تمزيق وتشتيت المشتت من الأمة حتى لا تقدر على المقاومة والنهوض وتحدي مشاريع التهويد والتصفية.
والخلاصة هي أن المفاوضات لمن توهموها حلا مع كيان يخطط وينفذ ويفعل ماض فيما يراه، مستغلا حالة الوهن التي أخبرنا عنها سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))؛ هذا حديث ثابت عنه عليه الصلاة والسلام؛ رواه الإمام أحمد في مسنده
والمسلمون اليوم أزيد من مليار ونصف يحق فيهم قول رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الأمة تعيش الغثائية بوضعها الحالي بامتياز، بدون وزن سياسي وثقل دولي أو صوت يدفع عنها الأعداء والبلاء والأدواء. إلا صوت المقاومة المشروعة بشقيها المدني والعسكري.
لكن رجاءنا في الله أن أمتنا قد تمرض لكنها لا تموت، وهي تتماثل للشفاء بإذن الله من خلال حركة الشارع وصحوة ونهضة وحيوية الشعوب، والدليل من بلدنا الحبيب الذي أجمع فيه الصف الوطني على إدانة خطوة الضم، وتجسد في هذا المهرجان، ودليلا أن فلسطين في قلب كل المغاربة والمغاربة في قلب فلسطين ولهم حارة وباب وأوقاف لابد من تحريرها واستردادها، حية في الوجدان والإنسان.
وبهذه المناسبة العظيمة نحيي شعبنا الأبي وأهلنا بفلسطين على صمودهم في وجه الآلة القمعية الصهيونية بعتادها وسلاحها، مواجهة يومية وندين ما يفعله هذا الكيان المجرم القاتل للأطفال المغتصب للنساء المنتزع لحجابهن المنكل بالمقاومة أسرا وقتلا ومراقبة وشيطنة. كيان لا ينضبط للشرعية الدولية ولا لمختلف المواقف المنددة بالخطوة إقليميا.
فما العمل إذن؟
أنكتفي بكل مرة برد الفعل أم تتحول الأمة فاعلة فارضة واقعا آخر؟
فعلى المستوى الرسمي نعلم جميعا حالة الوهن، وقوما باعوا القضية من زمن، يهرولون للتطبيع على حساب القضية، حفاظا على مصالحهم وحساباتهم الخاصة.
وبالنظر للخنوع الرسمي والمنتظم الدولي الذي يكتفي بالتنديد العاجز والسياق الإقليمي المعطوب المنكوب بوجود هيمنة أمريكية والكيل بمكيالين، يبقى الشارع متنفسا لأمتنا، لشعوبنا بمختلف الأشكال والواجهات والمستويات تربية وتنظيما، وتنسيقا وتشبيكا وتكثيفا وتنويرا وتحريرا وتغييرا وتفكيرا وتقديرا.
قضية فلسطين أيها الإخوة والأخوات بكل أبعادها الإنسانية، والإسلامية والعربية، قضيتنا جميعا، لا يجب إضعافها بالمساومات والمفاوضات التي لا تنتهي، ولا بالتشرذم الحاصل. فهي عقيدة بالنسبة لكل عربي ومسلم ولكل حر صادق ولكل فاضل عاقل، حيث أرض الإسراء والمعراج وأول القبلتين.
وعليه:
- لابد من الحث على التربية أولا وثانيا وثالثا ليتحرر الشباب ويقودوا مسيرة التحرير والتغيير.
- يجب أن تعود الأمة فاعلة لا مفعولا بها ودائما تنتظر خطوة العدو لتكتفي برد الفعل.
- تحرير الأوطان من الفساد والاستبداد خطوة مهمة في اتجاه التحرير الأكبر لفلسطين.
- لابد أن نستحضر أن قضية فلسطين هي آخرة تنتظرنا جميعا كعرب ومسلمين ماذا فعلنا تجاهها وماذا قدمنا في الوقت الذي يقدم الشعب الفلسطيني الشهداء والدماء وتدمر البيوت بشكل يومي وتنتهك الحرمات، أم طبعنا مع هذه المشاهد وصارت مألوفة مكرورة؟
- نسائل أنفسنا فردا فردا، فلا جدوى من الانتظار العاجز أو التسويف، ولابد من فعل وعمل.
لأجل ذلك، ندعو إلى:
- التصدي لحملات التطبيع الجارية ومختلف التحركات الصهيونية وإعادة تكتل كل القوى لمجابهة هذه المخططات والسياسات التوسعية.
- العودة إلى ما قبل أوسلو بصف فلسطيني موحد قوي متماسك لمواجهة الاحتلال حتى دحره.
- اعتبار القضية الفلسطينية قضية الأمة وبوصلتها، وستبقى فلسطين لكل العرب والمسلمين ملهمة ورافعة لا يحق التنازل عن شبر منها، ففي كل مرة يتدرج فيها العدو بمكر وخبث ودهاء لتنزيل واقع جديد وفرض حقيقة على الأرض منسيا أمتنا جرائمه السابقة أو ما سبقها من إعلان القدس عاصمة أو إبرام الصفقة بتخاذل الأنظمة بشكل رسمي واضح، والقطع مع مسلسل تفاوضي تنازلاتي في كل مرة ويرتكب وارتكب أخطاء قاتلة.
- تحرير رسالة تنديد رسمية باسم الشعب المغربي توجه لكل الجهات دوليا وإقليميا ووطنيا لتتحمل مسؤوليتها الكاملة فيما آلت إليه القضية الفلسطينية من انتكاس وارتكاس.
- بلورة تصور وطني تربوي وتعليمي ومعرفي لجعل القضية الفلسطينية في قلب المقررات الوطنية تربية وتعليما لكي تبقى راسخة في الوجدان.
واجب القضية اليوم تجاوز الحالة الراهنة كما يعلمها الجميع، ولعل إعلان حماس وفتح التوحد خطوة بهذا الاتجاه، ونحول هذا المهرجان وغيره من خطوات وطنية مهمة إلى برنامج عمل مستمر وقار بل ومن أولى أولويات عملنا حتى يتحقق التحرير والتغيير، ونوافق موعود الآخرة الذي ورد في كتاب ربنا سبحانه وتعالى: “فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا”
إن هذه المهمة التاريخية شرف على صدر رجال القضية في كل مواقعهم وجغرافيتهم من خلال دعم القضية بكل الوسائل والأساليب، حتى تحقيق النصر وتحرير القدس من ظلم الصهاينة ” عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا”
لنا يقين تام أن النصر آت، والتحرير آت، متى تحققت شروطه الذاتية والموضوعية، بإذن الله، لا إله إلا الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله. وعلى ٱله وصحبه. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.