التطبيع خيانة و تضييع للأمانة
إنسانيا و أخلاقيا و…يعتبر التطبيع مع الكيان الصهيوني جريمة مكتملة الأركان في حق قضيتنا العادلة –الحق الفلسطيني في تقرير مصيره وطرد المحتل من أرضه كافة أرضه – لكن للأسف الشديد وكما هو معلوم أن أنظمتنا الحاكمة في علاقة حميمية – سمن على عسل – مع الكيان الغاصب ,ودعك من الادعاءات الفارغة و العارية عن الصحة تماما والتي تريد أن تثبت العكس, (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
هده الأنظمة سيف على شعوبها ونعامة في حظيرة أسيادها- الاستكبار العالمي- تطبيع على كل المستويات وبيع للقضية في سوق نخاسة هم سماسرتها.
لكن دعونا نتفق أولا إن الوجود الوهمي أقول -وهمي- لأنه إلى نهاية، لماذا؟ لان وجوده غير مشروع، وكل شيء وجوده على هده الصفة نهايته أن يصير إلى العدم والهزيمة المنكرة,هدا حتمي وتؤكده السنن الكونية في حلقة الصراع بين الحق و الباطل.
قلت، هدا الوجود الوهمي في فلسطين الحبيبة الأبية يشكل عقدة نفسية لدى كافة المسلمين و العرب على حد سواء، ورفضا جماعيا قطعيا في الوجدان و العقلية و الضمير على امتداد العالمين العربي و الإسلامي.وهدا إن دل على شيء، فإنما يدل بشكل واضح لا لبس فيه ,على عدم مشروعية هذه النبتة الخبيثة في تلك الأرض الطيبة,في نفس الوقت يدل هذا على أن الشعوب المقهورة والمحاصرة حين تتحرر من ربقة الاستبداد وهذا حاصل بإذن الله ,فان أولى أولوياتها مباشرة هي اقتلاع تلك الجرثومة من جسد الأمة الطاهر.
– وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب- لابد إذن من تعبئة كل الجهود لرفع الظلم الجاثم على صدر الأمة قرونا عديدة، أثخن جسدها و أورثها الوهن و الضعف و الفرقة و الشتات.
حين نتحرر من أنانياتنا الضيقة و نصطف لمواجهة الظلم صفا واحدا منظما قويا متراصا ,يمكننا حينها أن نتحرر, و نساهم بعدها في تحرير أرضنا و قدسنا.
هذه هي المعادلة ,تحرير العقول و النفوس و الارادت أولا ، ثم انتهاء تحرير الأرض و الأوطان، هذا هو التسلسل الطبيعي و المنطقي و الموضوعي في معادلة التغيير الذي ننشده بعون الله.
إن ما يصطلح عليه ب – الصراع العربي الإسرائيلي- لا يعكس حتى معنى كلمة – صراع- أين هو الصراع؟ و العلاقات قائمة على أتم ما يكون الأصدقاء و الحلفاء، تنسيقات أمنية و مبادلات تجارية ورحلات سياحية و تقارب ثقافي و…… كل هذا في العلن و في وضوح تام بلا حياء أو خجل.
والنظام المغربي شانه شان غيره من الأنظمة العربية, له علاقات متميزة على مستويات عدة.ثقافية و تجارية و إعلامية و…… و هذا موجود بالأدلة و والوثائق الرسمية يمكن الرجوع إليها ,كل هذا و غيره يؤكد عمق العلاقة بين النظامين في بلد تعتبر أعلى سلطة فيه رئيس – لجنة القدس الرباعية – و العلاقة كما ترون، فالصورة أمامكم لا تحتاج إلى تعليق.
لكن هناك صورة مشرقة ولله الحمد,حين يتعلق الأمر بالشعب المغربي الأبي الوفي للقدس و الأقصى، وهذا معروف منذ سنوات عديدة,بدءا من المسيرات المليونية لنصرة هذا الشعب المقاوم الصامد و انتهاء بالمشاركة الفعالة و المتميزة للمجتمع المدني و الهيئات الحرة و غيرهم من ذوي المروءات في كل ما من شانه أن يعرف بالقضية العادلة و يدافع عنها بكل ما يملك من وسائل,في الوقت نفسه نرى هذه الأنظمة الخائنة و تواطؤها الصارخ مع عدو الأمة.
إن الذي يجمعنا بفلسطين الحبيبة يتجاوز المشترك الإنساني و هو – نصرة المظلوم أيا كان جنسه لونه لغته…- فنحن نتشارك الدين و اللغة و التاريخ و المصير المشترك, فالأولى إذن أن تحظى العلاقات المغربية الفلسطينية بالأولوية و الدعم و المساندة على كل المستويات و الجبهات، لكن الحاصل هو العكس تماما كما ترون.
وحرصا منها على تعبئة الأمة واستنهاضها لتطلب حقها المغتصب, تعمل – الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة – بمغربنا الحبيب على التعريف بقضية الأمة و تجديدها في الضمير و الوجدان, وغرسها في عقول و قلوب الناشئة و الأجيال القادمة,تعمل الهيئة مأجورة مشكورة على تنظيم وقفات تضامنية و حملات إعلامية و ندوات ولقاءات فكرية, من اجل التعريف بالقضية على المستوى المحلي و الدولي ,وفاء بالعهد و تحملا للمسؤولية.
في المقابل تسجل الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة بقوة تخاذل الأنظمة العربية و تواطؤها مع الكيان الصهيوني الظالم,وتجرم كل أشكال التطبيع معه,كما تدين بشدة و تستقبح التخمة الممرضة لهذه الأنظمة,و غزة الأبية في حصارها و جوعها و عطشها و عريها و…….في حين أموال المسلمين صارت نصفين، الأول من نصيب الليالي الحمراء, والثاني يشترون به السلاح لقمع الضعفاء.
كما تستنكر الهيئة و بشدة ,صمت العالم الذي يدعي – التحضر و الديمقراطية و الحداثة و حقوق الإنسان بل وحتى حقوق الحيوان- ما شاء الله …صمته السافر على المجازر و التجاوزات و الخروقات في حق الشعب الفلسطيني العظيم.
وأخيرا هذه الأمة، امة الشهداء و الأحرار مهما حاولت معاول الهدم تركيعها واستعبادها فإنها تتكسر على صخرة يقينها و صبرها وصمودها فترتد خاسرة خائبة بإذن الله القوي العزيز.
فقط بشيء يسير من الصبر و اليقين,تعود الأمة إلى مكانتها و قوتها تؤم العالمين بالرحمة و الرفق و المحبة نحو السلام و الأمن الحقيقيين.
قال الله تعالى يخبرنا عن إرادته التي لا تغلب (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين) هو الذي يجعل لا اله إلا الله.
و كما قال الشاعر
لــكــل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
ونحن بحول الله و قوته نستدبر الشر و نستقبل أيامنا القابلة بالفرح و السرور بتحرير إرادتنا و فكرنا و أرضنا و قدسنا – متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا- كلمة خلد الله ذكرها على لسان الفاروق رضي الله عنه,الذي فتح الله على يديه القدس, كلمة والله تعكس حقيقة و عمق مفهوم الحرية لدى تلك الأجيال الطاهرة المباركة.