ذ. الرياحي: الجراح والمآسي يجب ألا تنسينا وعد الله بالتمكين للإسلام
أجرى موقع الجماعة نت حوارا مع الأستاذ محمد الرياحي، عضو المكتب المركزي للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، تناول فيه جهود الهيئة للمنافحة عن قضايا الأمة وتقويمها لعملها خلال العام المنصرم وبرامجها المستقبلية… فيما يلي النص الكامل لهذا الحوار:
1- أصدرت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة قبل أيام شريطا يجمع مختلف أنشطتها خلال سنة، كيف تقيمون أنشطتكم خلال هذه الفترة؟ وما برنامجكم للمرحلة المقبلة؟
بداية أشكر موقع الجماعة نت على هذه الالتفاتة مع متمنياتي الصادقة لكم بمزيد من التوفيق والسداد.
كما أشرتم فقد أصدرت اللجنة الإعلامية التابعة للهيئة شريطا مصورا يعرض لأهم الأنشطة التضامنية المنظمة خلال المرحلة السابقة، سواء التي أشرفت عليها الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، أو التي شاركت فيها إلى جانب باقي المهتمين بقضايا المستضعفين في وطننا الحبيب، وقد عكس الشريط العمل الجبار والدؤوب الذي قامت به الهيئة نصرة للمستضعفين في كل من فلسطين وسوريا واليمن ومصر وبورما… من خلال المسيرات والوقفات والمهرجانات والندوات التي تعكس التطور الملحوظ في أداء الهيئة مركزيا ومحليا.
فيما يخص المرحلة المقبلة، سطرت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة برنامجا تضامنيا يستهدف جميع القضايا المحلية والدولية، مع التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية.
2- عقد المكتب المركزي للهيئة في فاتح أكتوبر اجتماعه العادي، ما أهم القضايا التي تتداولون فيها والمقترحات التي تبادرون إليها؟
تتداول الهيئة في مختلف القضايا العادلة التي تهم المستضعفين داخل الوطن وخارجه من قبيل التطبيع ومسيرات العودة وصفقة القرن وتداعياتها والوضع في سوريا واليمن… وتسعى بمختلف الوسائل والأشكال إلى التعاطي مع هذه القضايا وفق رؤية شاملة تسعى بالأساس إلى بعث وإحياء هم الأمة التي إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
كما تعمل الهيئة على تحقيق أهدافها وبرامجها، بواسطة الندوات والملتقيات والأسابيع التضامنية والمهرجانات الخطابية والفنية، والحملات الإعلامية، وعن طريق التفاعل مع المستجدات بتنظيم الوقفات الاحتجاجية والمسيرات التضامنية ومختلف الأشكال التعبيرية، وإعداد الأبحاث والدراسات وانجاز التقارير حول مختلف القضايا الراهنة وتكوين أطر متخصصة في قضايا الأمة.
3- بعض المتتبعين لأنشطتكم يعتبرون خرجاتكم وأنشطتكم موسمية تتأسس على ردات الفعل. ما رأيكم؟
منذ تأسيسها، تشتغل الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة وفق مخطط مرحلي ورؤية استراتيجية تؤطر برامج العمل السنوية التي تشمل الفعل التضامني الاحتجاجي والفعل التوعوي التعليمي والفعل التواصلي الإعلامي، ولأن الهيئة قد أخذت على عاتقها نصرة المظلومين والمستضعفين كلما سنحت الفرصة لذلك، فقد جعلت من بين أهدافها وأولوياتها إلى جانب ما تحدثنا عنه سابقا، التعاطي الايجابي والاني مع القضايا العاجلة التي قد يعرفها عالمنا العربي والإسلامي.
4- تشتغل الهيئة، من بين ما تشتغل، عبر آلية التنسيق مع قوى ومنظمات محلية وإقليمية، ماذا أثمر هذا التنسيق خدمة لقضايا الأمة؟ وما مدى فعاليته في رفع تسويق وعرض هذه القضايا لدى الشعوب غير المسلمة؟
ما يحسب لقضايا الأمة عموما والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، أنها قضايا جامعة وموحدة لجهود مختلف العاملين لهذه القضايا العادلة، وقد ساهم هذا التنسيق في تجسير الهوة بين مختلف القوى والهيئات، وتنظيم فعاليات ومبادرات نوعية داعمة لقضايا الأمة، وفاضحة للمتواطئين والمتخاذلين والمطبعين من أبناء وطننا العربي، كما أثمر هذا التنسيق ميلاد هيئات وتنسيقيات مكونة من مختلف التوجهات التي تعنى بقضايا المستضعفين.
وقد ساهمت هبة الشعوب العربية والإسلامية واستعدادها الدائم في التعاطي مع قضايا المستضعفين بالرغم من جراحها ومعاناتها مع المتسلطين من الحكام العرب ومن يواليهم ويدعمهم في خلق وعي عالمي بقضايا الأمة العربية والإسلامية ومنها القضية الفلسطينية، تجلى في الوقفات التضامنية والمسيرات الاحتجاجية التي ينظمها غير المسلمين تضامنا مع قضايا الأمة العربية والإسلامية، بالإضافة إلى مشاركة هؤلاء في الملتقيات والمنتديات التضامنية الدولية وفي أساطيل رفع الحصار عن قطاع غزة.
5- في هذا السياق كيف تقيمون تعاطي الرأي العام الدولي مع قضايا الأمة فيما يتعلق بالحقوق القانونية والإنسانية للشعوب المسلمة؟
ما يهمنا في التقييم هو التعاطي الدولي الرسمي مع قضايا الأمة العربية والإسلامية، والذي أثبتت الوقائع والأحداث التي بات يعرفها عالمنا العربي في الآونة الأخيرة فشله وازدواجيته، واصطفافه إلى جانب قوى الاستكبار العالمي، في عالم أضحى فيه الدم العربي رخيصا ومستباحا، وأضحت فيه المؤسسات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان راعية لقوى الفساد والاستبداد، وما الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في حق الفلسطينيين إلا دليل واحد على هذا النفاق الدولي الرسمي، ناهيك عن المجازر الأخرى التي ترتكب في حق المسلمين في كل من سوريا واليمن وليبيا ومصر وبورما….
6- جرح الأمة يكبر ونزيفها يزداد في سوريا واليمن ومصر وفلسطين.. ما علاج هذه الجراح؟
علاج ما تعيشه الأمة من وهن ومن استضعاف ومن غثائية، يقتضي ابتداء رجوع أبناء الأمة العربية والإسلامية حقيقة إلى الله تعالى والقضاء على رعونات النفس والأمراض التي تعشش في القلوب، تم بإعداد القوة الشاملة والبأس الشديد الذي يرهب أعداء الله، كما وعدنا الصادق المصدوق في حديث تميم الداري رضي الله عنه الذي قال فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر”. ومن هذا الإعداد تحرير الأوطان العربية والإسلامية من الحكام المستبدين الفاسدين الذين هم رأس البلاء وسبب الويلات التي يكتوي بلظاها أبناء الأمة.
غير أن هذه الجراح والماسي، يجب ألا تنسينا وعد الله تعالى وهو الحق، وعد النصر والتمكين للإسلام والمسلمين رغم كيد الأعداء ومكرهم، الذي بشر به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث الخلافة الذي رواه الإمام أحمد: “تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت”، فبعد العسر يسر وبعد الظلام النور بإذن الله ومشيئته.
7- القضية الفلسطينية باعتبارها أم القضايا عرفت تطورات مهمة في الفترة الأخيرة؛ مسيرات العودة، تشديد الخناق على غزة، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وحديث عن صفقة القرن.. كيف تقرأ هذه التطورات وأثرها على مسار ومستقبل القضية؟
ما تعرفه القضية الفلسطينية من تطورات وأحداث وخطوات غير مسبوقة منذ تولي ترامب الرئاسة الأمريكية، يؤكد ما قلناه سابقا بخصوص الوهن الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية، إذ كيف يعقل أن يستمر الصهاينة وهم شرذمة قليلة في احتلال فلسطين والتنكيل بأهلها وتدنيس مقدسات الأمة العربية والإسلامية وحصار مليوني شخص بغزة… لولا دعم قوى الاستكبار العالمي، ولولا هذا الصمت والتواطؤ الدولي والعربي الرسمي المكشوف، لكن ما يعزينا في ما يقع في فلسطين وما نعتبره بلسما لجراحنا هناك هو ما حققه أهل فلسطين من صمود وانتصارات مادية ومعنوية مشرفة في مواجهة كل المخططات الصهيونية من قبيل نقل السفارة و إغلاق أبواب المسجد الأقصى المبارك وقرار هدم الخان الأحمر.. والهبة الشعبية المباركة التي عبرت عنها الشعوب العربية والإسلامية في تعاطيها مع كل التطورات، مؤكدة على أن فلسطين والقدس هي قلب الأمة النابض وهي القضية الأشرف والأنقى في العالم.
8- نظمت خلال هذه السنة وقفات ومسيرات وأنشطة داعمة لحق الشعب الفلسطيني وعدد من قضايا الأمة.. كيف هو نبض الشعب المغربي في تفاعله مع قضايا الأمة؟
الشعب المغربي من الشعوب العربية المحبة لفلسطين، المستعد دوما للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المجاهد، وقضايا الأمة العادلة، ويتجلى ارتباط الشعب المغربي في استجابته لكل الخطوات الاحتجاجية والتضامنية التي تنظم تفاعلا مع الأحداث المرتبطة بقضايا الأمة عموما وقضية فلسطين على وجه الخصوص، من قبيل الوقفات الحاشدة والمسيرات المليونية التي يشهد بتفردها من ناحية التنظيم والكثافة الجميع.
9- كرّم مؤخرا ملتقى رواد القدس بتركيا الإمام عبد السلام ياسين ضمن نخبة من الأسماء الرائدة والصادقة في نضالها لإعلاء كلمة الحق ونصرة قضية الأمة الأولى، قرّبنا من القيمة الرمزية لهذا التكريم؟ وحضور القضية الفلسطينية في فكر الإمام؟
التكريم الذي حظي به الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله في ملتقى الرواد العاشر المنظم بتركيا من طرف الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين، هو اعتراف بمجهودات الإمام وتضحياته الجليلة في خدمة القضية الفلسطينية والدفاع عنها من خلال إسهاماته العلمية التي احتلت فيها فلسطين الموقع والمكانة المهمة أو من خلال مواقف الرجل الميدانية نصرة للقضية منذ تأسيسه لجماعة العدل والإحسان التي حملت على عاتقها تبني القضية الفلسطينية واستعدادها الدائم للدفاع عنها بالغالي والنفيس.